الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ما بعد اليوم الثاني عشر

بواسطة azzaman

ما بعد اليوم الثاني عشر

فؤاد مطر

 

بعدما دخلت متعة بنيامين نتنياهو إبادة ما في قدرة جيشه المعتدي إبادته مئات من شعب غزة طور الإحراق والتجويع وإستهداف الذين سارعوا إلى الحصول على بعض المواد الغذائية، وكذلك المستشفيات التي تحاول ما في الإستطاعة وما تبقَّى لديها من معدات طبية إنقاذ حياة المصابين بغارات إسرائيلية.. إنني بعد الذي أشير إليه عدْتُ إلى قراءة ما تنشره  صحيفة «اللواء» اللبنانية من تعليقات لمعلِّقين وسياسيين في الصحف ومحطات التلفزيون الإسرائيلية حول ما تتجناه حكومتهم ولا تلقى من المجتمع الدولي إعتراضاً حاسماً بدءاً بالراعي الأميركي وبدرجة غير محترمة من جانب الرئيس السلّف بايدن والرئيس الحالي ترمب والكونغرس ذي المشاعر المتصهينة، وكذلك من جانب أكثرية الرعاة الأوروبيين الذين حاولوا التميز عن الموقف الأميركي بتسجيل وقفات لا تحسم مفرداتها مثْل «هذا الذي يجري في غزة غير مقبول»  و»لا يجوز منْع الغذاء عن الناس» وغيرهما من المفردات التي لا تصغي إليها إسرائيل البنيامينية المعتدية.

وخيراً مبادرة «اللواء» دون غيرها من معظم الصحف العربية نشْر هذه التعليقات التي تقوم «مؤسسة الدراسات الفلسطينية « بترجمتها عن العبرية.

نبرة اعتراض

ونلحظ في كثير من التعليقات نبرة إعتراض على ما تقترفه حكومة نتنياهو، لكن مع شديد الإستغراب لا يقول هؤلاء وبالكلمة الحاسمة إن العدوان أصلاً على شعب غزة غير مبرَّر وأنه إذا كان الداعي هو إستعادة الذين وقعوا في الأسْر الحمساوي فإن معالجة الأمر تتم وعلى خير أسلوب من خلال الوسيط العربي، متمثلاً بمصر وقطر، وهو مَن لجأت إليه إسرائيل بعد إستحالة تحقيق الغرض أي الإفراج عن الأسرى ، ولتؤكد التطورات بعد ذلك أن الغرض البنياميني شرير، وأن وراء العدوان الذي لا سابقة له شراً مستطيراً ومخطَّطاً يبغي تحالف اليمين الإسرائيلي من تنفيذه الإستيلاء على كامل الضفة الغربية، أو إنه في حال مواجهة الحكومات الأوروبية له وعدم تبرير الإدارة  الأميركية لفِعْله الإستيلائي فإنه يساوم على ذلك بمعنى أن يقول إنه مقابل أن يترك غزة يتم التسليم بكامل الضفة الغربية له و»تطويب» القدس عاصمة أبدية له. ومن دلائل هذه النوايا الشريرة إعلان إسرائيل نتنياهو الليكودي وشركائه الأكثر تطرفاً منه والذين يحاولون مراراً إقتحام المسجد الأقصى، رفْضهم ما بات العرب والمسلمون والحكومات الأجنبية القابلة للتفهم يرونه الحل الأفضل لتحقيق الإستقرار للجميع والمتمثل بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس. وزيادة في الرفض جاء منْع السُلطات  الإسرائيلية للوفد العربي المؤلف من وزير الخارجية السعودية ووزير خارجية مصر ووزير خارجية الأردن والأمين العام للجامعة العربية زيارة رام الله، وذلك لأن هذه الزيارة في نظر إسرائيل البنيامينية تشكِّل دعماً للشعب الفلسطيني المستهدَف في مناطق من الضفة الغربية ولشقيقه في غزة.

واللافت أنه لم يسجَّل رد فعل حازم على رفْض إسرائيل دخول الوفد والذي كان متوقَّعاً أن لا تقتصر زيارته على رام الله وإنما تشمل القدس وإحتمال أن يؤم وزير الخارجية السعودية المصلِّين في رحاب المسجد الأقصى وعلى نحو ما أمَّ المصلِّين في المسجد الأموي، ثم بعد ذلك غادر دمشق إلى عمان لكي ينطلق مع سائر أعضاء الوفد إلى رام الله، ليُفاجأ الوفد بالمنع غير المبرَّر وغير القانوني وخلاف قواعد الأصول. وأما الموقف العربي الذي لم يتم تسجيله رداً على الفعل الإسرائيلي غير القانوني وغير اللائق، فهو إجراءات على الصعيد  الدبلوماسي والتطبيعي كان يمكن إتخاذها أو كخطوة أوُلى التلويح بإتخاذها.

تجويع شعب

وبالعودة إلى الكتابات الإسرائيلية حول العدوان على غزة وتجويع الشعب وحجْب الأدوية وقصْف المستشفيات وإحراق الخيم بمن يعيش فيها، فإن ما إستوقفتْني فيها عبارات مثل «هناك مشكلة تتمثل في أن إسرائيل لا تفي بوعودها» و»حرب الإستنزاف تدمر كل قطعة جيدة لدينا» و»علينا أن نتذكر أن إيران وأذرعها لم يتركوا فكرة إبادة دولة إسرائيل وإيران تندفع نحو قنبلة نووية ويمكن أن نجد أنفسا بعد بضع سنوات أمام إيران نووية» و»مؤخراً نشهد عداءاً متصاعداً في مصر تجاه  إسرائيل» و»نحن ندفع سوريا بأنفسنا إلى أحضان تركيا. ومَن لا يريد أحمد الشرع الذي نعرفه باسم أبو محمد الجولاني سيحصل عليه أردوغان» و «ينبغي على إسرائيل إذا أرادت البقاء خمسين عاماً أن تقْبل بحل الدولتيْن مع الفلسطينيين، وإن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون مستقلة ذات حدود وتشمل القدس الشرقية أيضاً» و «يجب التذكير بأن منطقة الجنوب اللبناني ليست جزءاً من أرض إسرائيل التاريخية التي إلتزمت حكومة نتنياهو الحفاظ عليها إلى الأبد» و «إسرائيل لا تستطيع ولا يجب عليها أن تسمح بإستمرار سكان الشمال خارج منازلهم فهذه هزيمة عسكرية وسياسية لإسرائيل...» و»صفقة القرن الحقيقية ليست تلك الخاصة بنتنياهو بل صفقة الأمن الإقليمي الطويل الأجل القائم على التحالفات والإتفاقات والإعتراف بأُفق سياسي للفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية...» و»مِن دون المساعدة الأميركية ومع حكومة تهدر ميزانية الدولة على الوظائف السياسية والمستوطنات قد تصبح إسرائيل معزولة ولن تكون بيتاً يوفر الأمن لقاطنيه...» و»يوجد لدى ترمب بعض السفراء الإسرائيليين مثْل ميريام أديلسون وديرمر الأميركي ونتنياهو الأميركي فالوصاية أميركية دائماً...».

تلك نماذج من تعليقات كتَّاب ومحلِّلين إسرائيليين، يستنتج المتأمل في بعض مفرداتها أن الذي قامت به «حماس» يوم السابع من أكتوبر 2023 كان «نصْرَثة» (جمعاً لكلمة نصر وكارثة) بمعنى أنه نصر جزئي لمصلحة القضية الفلسطينية لكنه في الوقت نفسه أفضى إلى كارثة للشعب لا سابقة لها من كوارث ألمت بشعوب، مع فارق أن الشعب الغزَّاوي صمد وتحمَّل كل أنواع التدمير والتجويع وحرمانه من التداوي ومن الأدوية والمستلزمات الطبية. وعزاؤه أن إهتزازات متقطعة أصابت المجتمع الإسرائيلي حيث بات العالم يشهد يومياً إحتجاجات شعبية وفي مرات كثيرة المبيت في الملاجىء.. هذا إلى أن سمعة إسرائيل ترسخت كدولة معتدية ضد حقوق الإنسان.

رد موجع

وما هو في مستقبل الآتي من الأيام في ضوء اليوم الثاني عشر من المواجهة الصاروخية والذي حسمت فيه إيران الأمر رداً موجعاً لإسرائيل من جهة وللهيبة الترامبية من جهة أُخرى وإقتنع الرئيس ترمب بأن عصاه الغليظة يمكن لويها، قد يكون التسوية الكثيرة التأجيل التي تغني عن ويلات ما هو أعظم وتعوِّض الغزاويين عما ألحقتْه إسرائيل بهم من عدوان لا مثيل له.. وتنشط مفاتيح الأقفال الأميركية – الأوروبية للباب الموصد الذي هو حل الدولتين.

... وكفى الجميع شرور الصراع.

 


مشاهدات 58
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2025/06/28 - 12:19 AM
آخر تحديث 2025/06/28 - 6:06 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 157 الشهر 17184 الكلي 11151838
الوقت الآن
السبت 2025/6/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير