إنتحاب وإنتخاب
عبد اللطيف الموسوي
عادت دموع التماسيح لتبرز إلينا في الأيام القليلة الماضية، وسوف يظل المرشحون للإنتخابات المقبلة يذرفون دموعهم خلال الأشهر المقبلة في مشاهد تمثيلية فجة أمام البسطاء من الناس.
دموع التماسيح هي أفضل وصف يمكن أن أطلقه على ما أراه من تباكٍ وتمثيل على الطبقات الكادحة مع كل دورة انتخابية، إذ نرى المرشحين يجوبون مختلف المناطق، مع تركيز واضح على مناطق التجاوز والعشوائيات وذلك لدغدغة مشاعر الناخبين، وإطلاق الوعود بتحقيق أحلامهم الوردية بتحسين واقعهم، ووضعهم الاجتماعي لتصل وعودهم إلى درجة السعي لتمليكهم الدور التي يسكنونها وإدخال الخدمات الى مناطقهم وتحسين المتوفر منها.
وقد أثبتت السنوات والوقائع أن مواعيد عرقوب أكثر صدقًا من وعود هؤلاء المرشحين ، فهذه الوعود لا تتحقق في حالتي الفوز بالانتخابات أو خسارتها، فإذا ما خسر المرشح وخرج من الانتخابات وهو يجر أذيال الهزيمة المُرة والخيبة المُذلة، فيكون حينها في حل من وعوده، أما من يفوز فسينغمس في الملذات والكرسي الوثير وأسطول الحمايات وينسى الفقراء ويتنصل عن وعوده التي قطعها لمن أعطوه أصواتهم كما دأب عرقوب على التنصل عن وعوده لأخيه بمنحه ثمر نخلته . فهل يثبت مرشح واحد أن قول كعب بن زهير لا ينطبق عليه، عندما قال:
صارت مواعيد عرقوب لها مثلاً
وما مواعيدها إلا الأباطيل
فليس تنجز ميعاداً إذا وعدت
إلا كما يمسك الماءَ الغرابيلُ
ها هي لعبة الإنتحاب والانتخاب قد تجددت في الأيام الأخيرة، فهل يتعظ الناخبون؟ وهل يتعظ المرشحون ويدركون أن حبل الكذب قصير وأن دورة إنتخابية لاحقة آتية لا ريب وأن الناخبين هم من سيرمونهم خارج أسوار البرلمان ويؤتون بكذابين جدد؟ أما العبد لله فلسان حاله يقول مخاطبًا المرشحين:
أمنجز أنتم وعدًا وثقت به
أم اقتفيتم جميعًا نهج عرقوب
استدراك مهم : أكيد هناك استثناءات.