الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قلوب تُجيد التمثيل

بواسطة azzaman

قلوب تُجيد التمثيل

هدير الجبوري

 

في حياة الكثيرين، لا يكون الحب قصة تُروى، بل جرحاً يُخفى. هناك من يحب بكل الصدق، لكنه لا يملك الحق في البوح، ولا الجرأة على الاعتراف، فيُجبر على التراجع خطوة تلو أخرى، حتى يغدو قلبه ساحة صراع بين ما يشعر وما يجب أن يُظهر. إنه الشعور الذي يولد خلف جدار من الصمت، حين لا يكون الكلام مباحاً، ولا الاعتراف خياراً. إحساس محكوم بالقيود، محكوم بالتردد... شيء لا يُعاش كما يجب، ولا يُنسى مهما طال الزمن..

ليس كل من يحب قادراًعلى البوح، وليس كل ما يُكنّ في القلب يصل إلى ضفافه. ثمة من تُخلق له، حين يتعلق، ألف هاوية من الحيرة، ومئات المتاريس من الظروف، فلا يكون أمامه سوى أن يواصل بصمت قاتل، كأنما يرتكب جريمة. هناك من لا يملك رفاهية الاعتراف، ولا حتى حق الهمس. يحمل في داخله وجعاً وحنيناً، لكن ما بينه وبين البوح جدار لا يُرى، يمنع عليه تسلقه، ويحرم تجاوزه.  الطرف الآخر لا يرى هذا الجداربل لايشعر بوجوده ،، فيظن ان  الذي أمامه متحجراً  بارداً كقطعة جليد لا تذوب، صامتاً كدمية موضوعة على الرف، لا تملك قلباً ولا صوتاً.

لا يدرك كم يكابد هذا الذي أمامه وهو يكبت ما في صدره، كم يمرض حين تنكسر رغبته في القرب، كم يبكي سراً حين يضطر لتمثيل البرود، ويتقن التمنع، ويخفي لهفته بلعبة الصمت والمراوغة.

ولا يدرك أن كل محاولة للسكوت ما هي إلا طريقة للحفاظ عليه. لا يدرك أن ما يبدو قوة ما هو إلا درع هش، تستتر خلفه مشاعر مرتجفة،، لا يعرف أن الاحتراق اليومي يحدث تحت قناع من الثبات.

كان ممكناً أن يبوح، أن يلقي بكل شيء دفعة واحدة، لكن هناك أشياء لا تقال، لأنها ليست مجرد كلمات، بل محرمات تكبلها ظروف، وسلاسل من الحواجز، ومواقف لا تُفسر، وجروح لا تُشرح.

يضحي بما يشعر به، لا لأنه لا يهتم، بل لأنه يهتم أكثر من أن يضع الآخر في مواجهة مع ما لا يحتمل...

في العمق، حزن متجذر. وفي أعمق نقطة في الروح، فراغ لا يملؤه شيء.

 

 

 

 


مشاهدات 32
الكاتب هدير الجبوري
أضيف 2025/05/07 - 2:23 PM
آخر تحديث 2025/05/09 - 10:44 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 593 الشهر 10541 الكلي 11004545
الوقت الآن
الجمعة 2025/5/9 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير