قلوبنا في مواجهة الريح
ثامر مراد
في عالمٍ تتقاذفه النيران، حيث الريحُ لا تتوقف عن سباقها المجنون مع الطوفان، تُحطّم جدران القيم وتنسف بنيان الحياة، نقف نحن. قلوبنا، على بساطتها، هي سلاحنا الوحيد. قلوبٌ صافية كالإيمان، نابضةٌ لا تنضب، تصدّ الرياح وتُعيد للعالم لحن الهدوء الذي اشتاقه، وتغرس جذور السكون عمدًا في أرضٍ أنهكها الصخب.
الريح، ما هي إلا اختبارٌ قاسٍ للثبات. هي عاصفةٌ تسألنا باستفزاز: أين أمنياتكم؟ هل ما زال في قلوبكم شعاعٌ من نور؟ ومن كانت في قلبه شعلة اليقين، فلا يخشى العواصف مهما اشتدت، بل يواجهها بعزمٍ نقي لا يُقهر.
رأينا الرياح تعبث بكل أمان، تُبعثر الأوراق، تُغرق البساتين، وتُطفئ كل ما تراه أمامها. لكن القلب الصادق، ذلك الملاذ الذي لا يخون، يبقى صامدًا. فيه حبٌّ لا مشروط، وإخلاصٌ لا يعرف الانحياز. إنه القلب الذي يستطيع أن يُطفئ شعلة الشرور بحكمة الفكر وثبات الصبر، في حين تهتزّ الجبال أمام الريح، تظل القلوب الصادقة شامخةً، لا تُكسر ولا تُجتزّ. أيها الإنسان، لا تَخفْ من الرياح. إن كنت تحمل في قلبك مصباحًا من نور، فإن النار مهما توحّشت لا تهزم يقينك، ولا تطفئ لهيب الحب الدفين. الحب، هذا السلاح الذي لا ينضب، هو القادر على إخماد نيران العالم، على إعادة وهج الطيبة والسكينة، على نشر السلام في كل ركنٍ أصابه الخراب، وعلى إصلاح ما أفسدته الأزمان.
ويا ريح الشرور، مهما عصفتِ، لن تُسقِطي حلمًا، ولن تُطفئي شعلة النور. فنحن، بأرواحنا الصادقة، ركنٌ شديد. وبطهارة قلوبنا، مجدٌ تليد. تعالي شاهدي كيف نُطفئ النار، كيف نحيل الرماد أنهارًا، ونزرع بها أزهار الوفاء التي لا تذبل.
نُطفئ نار الريح لا بالسلاح، ولا بالصراخ، بل بحبٍّ بلا حدود، وعطاءٍ يمحو القيود. نُطفئها بقلوبٍ كالشمس، تنشر دفءَ الحق وتُزيل الأحزان من القلوب البريئة.
أيها العالم، استمع إلينا. نحن الذين نحمل الأمل رغم كل شيء. نُعيد البناء بأيدينا، وننثر النقاء في كل زاوية من هذا الوجود. صدق القلوب وحبها هما الحل الوحيد، وهما مفتاح الحياة التي نحلم بها. حياةٌ تحمل بين طياتها فرحةً لا تنتهي، وعشقًا لا ينطفئ.