الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العراقي حين يبوح

بواسطة azzaman

العراقي حين يبوح

نوزاد حسن

 

يعيش الانسان حالة اليتم مرتين.الاولى حين يفقد ابويه,والثانية حين يفقد الوطن.لكن كيف يفقد الانسان وطنه؟ يفقد الانسان وطنه حين يتحول الحديث عن الوطن الى الحديث عن الطائفة او الحزب او العشيرة او المصلحة الشخصية.وهنا تحدث كارثة وطنية لا تنتهي.الوطن وهو المكان الذي ننتمي اليه يتبخر فجأة لتظهر امامنا كيانات همها الاول الثراء والبذخ والملكية.  يتضاءل الحس الوطني ويتضخم حس المنفعة.ويصبح الوطن مجرد مكان يعيش فيه اثرياء السلطة,وفقراء بلا سلطة.  ان افضل صورة تمثل الوطن في ايامنا هذه هي:صورة الكعكة.هكذا ينتهي المكان المقدس بكل تاريخه الانساني والسياسي والاجتماعي.يذوب مثل قطعة كيك دسمة في الفم.الوطن يؤكل على الدوام.ولا بد من تحويله الى شيء قابل للهضم والامتلاك.وهذه العملية عملية اكل الوطن مثل كعكة تصنع شعبا يتيما تائها يصرخ في وسائل التواصل الاجتماعي دون ان يقدم له احد العون.   اليتم بمعناه الوطني يكون بهذه الصورة:يشعر المواطن بانه قلق دائما.المواطن سجين مثلث قلقه الذي يتالف من ثلاث زوايا:توقع الشر في اية لحظة,الخوف من الغد,هاجس السفر ومغادرة المكان.هذه هي مثلث خوف ورعب اكثر الناس.وفي مختلف المناسبات ودون ان يسكر العراقي فانه يبوح بخوفه وقلقه وانكساره اليومي.وليس بالضرورة ان يكون الشخص محتاجا ليبوح بما يخيفه,على العكس  فان فقير الوطن وغنيه يشتركان في حالة القلق نفسها.انهما بطلان من ابطال المعاناة الداخلية.   لذا هناك صنفان من الناس يعيشان بصورتين محتلفتين:السياسي الثري الذي اقتنع بلعبة السياسة وذاق طعم الكعكة الدسمة,ومواطن يعاني من مثلث قلقه.وليس غريبا ان يحدثتي شاب قبل يوم واحد من مناقشته لرسالته في الماجستير بانه غير مرتاح,ومنزعج,واضاف على الرغم من انني املك بيتا وسيارة واعمل موظفا ولدي طفلة.ومع ذلك يبوح هذا الطالب بما يزعجه.وهذا الاعتراف هو صوت الاف والاف ممن يعيشون قلقا متواصلا لا يتوقف.وفي الواقع لم اجد وصفا افضل من قولي ان اليتم هو شعور داخلي يحدث حين لا يكون الوطن الا مجموعة من الامتيازات يملكها بعض المتنفذين غير عابئين ببقية الشعب. بسبب هذا الانزعاج والقلق اليومي يصرخ العراقي بصوت عال.ينفجر غضبه امام الكاميرات,وفي وسائل التواصل الاجتماعي,ويمزق ملابسه,ويهدد بالانتحار.كل هذه اعراض سببها الفشل السياسي والامتيازات وتحويل الوطن الى كعكعة بيد قلة من المتنفذين.

 

 

 

 

 

 


مشاهدات 39
الكاتب نوزاد حسن
أضيف 2025/05/07 - 2:21 PM
آخر تحديث 2025/05/08 - 11:46 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 784 الشهر 9505 الكلي 11003509
الوقت الآن
الخميس 2025/5/8 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير