الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
22 عاماً من الخراب .. حين صنعت المحاصصة وأجهض مشروع الدولة

بواسطة azzaman

22 عاماً من الخراب .. حين صنعت المحاصصة وأجهض مشروع الدولة

طه حسن الأركوازي

 

منذ عام 2003 دخل العراق مرحلة سياسية جديدة كانت تُمثل ـ نظرياً ـ فرصة تاريخية لبناء دولة مدنية حديثة تقوم على أسس الديمقراطية والعدالة والمواطنة ، غير أن ما حدث كان العكس تماماً إذ سرعان ما وقعت البلاد رهينة بيد أحزاب لا تمتلك رؤية ولا أستراتيجية كرست الحزبية والطائفية السياسية ، وفرضت نظام المحاصصة المقيت ، وأجهضت كل أمل بولادة مشروع وطني موحد .

اليوم ، بعد مضي أكثر من عقدين على هذا التحول ، يقف العراقيون أمام حصيلة مأساوية ، دولة ممزقة ، أقتصاد منهار ، سيادة مُنتهكة ، وهوية مُهددة في ظل أستمرار ذات الطبقة السياسية العاجزة عن تقديم أي مشروع إنقاذ حقيقي .

منذ أكثر من قرن على تأسيس أول الأحزاب السياسية في العراق وبعد 22 عاماً على إسقاط النظام السابق عام 2003 ، تتجلى حقيقة مريرة لا تقبل الجدل ،  الأحزاب التي تصدرت المشهد السياسي لم تقدم للعراقيين سوى سلسلة لا متناهية من الأزمات والنكبات والمآسي .

الأزمة التي تعصف بهذه الأحزاب اليوم ليست أزمة طارئة أو سطحية ، بل هي أزمة بنيوية عميقة ، تشمل الفكر ، والتنظيم ، والرؤية السياسية هذه الأحزاب بخطابها المتخلف ونهجها الغير مقبول ، ساهمت في تقويض مقومات الدولة الحديثة ، وتحولت إلى عبء ثقيل على العراق وشعبه ، بدلاً من أن تكون أداة للبناء والتغيير .

منذ اللحظة الأولى لأحتلال بغداد عام 2003 ، وضعت هذه القوى أسس نظام يقوم على المحاصصة الطائفية والعرقية ، مغيبة مفهوم المواطنة لصالح الانتماءات الضيقة تحت شعارات ( التوافق و التوازن ) ، قسمت الدولة إلى إقطاعيات حزبية وطائفية ، فأُقصى الأكفاء ، وتكرست ثقافة الولاء للحزب والطائفة على حساب الكفاءة والانتماء للوطن .

حصاد 22 عاماً من حكم الأحزاب :

1•تفشي الفساد الإداري والمالي حتى صار جزءاً من بنية الدولة .

2•تدهور الخدمات العامة بشكل كارثي في الكهرباء والماء والصحة والتعليم .

3•أنتشار البطالة والفقر بشكل غير مسبوق ، مع تضخم ثروات الفاسدين .

4•أنتشار السلاح المُنفلت خارج إطار الدولة .

5•خضوع القرار السياسي لإرادات إقليمية ودولية ، سيادة غائبة .

6•تفكك المجتمع العراقي ، وتآكل الهوية الوطنية لصالح الولاءات الفرعية .

لقد أخفقت جميع الحكومات المتعاقبة ، لأنها لم تمتلك رؤية لبناء الدولة ولا أستراتيجية واضحة للنهوض ، بل أقتصرت برامجها الحكومية على شعارات فضفاضة وخطط أرتجالية سرعان ما تهاوت أمام مصالح الأحزاب وتقاسم الغنائم .

أسباب الأزمة :

أ• أعتماد مبدأ المحاصصة بديلاً عن الكفاءة والمواطنة .

ب• غياب المشروع الوطني الجامع، وضعف الهوية الوطنية .

ج•تسييس القضاء والأجهزة الأمنية، وتفشي الفساد السياسي .

د•الاعتماد الكامل على النفط وإهمال القطاعات الاقتصادية الأخرى .

هـ•التدخلات الإقليمية والدولية السافرة في الشأن العراقي .

الحلول والمعالجات المطلوبة :

1•إنهاء نظام المحاصصة بشكل قاطع ، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس الكفاءة والمهنية والنزاهة .

2•إطلاق مشروع وطني شامل لدعم القضاء ، وتقوية الأجهزة الرقابية ، وأستعادة أستقلاله الكامل عن الأحزاب .

3•حصر السلاح بيد الدولة فقط ، ومنع السلاح خارج هذا الإطار .

4•تبني سياسة أقتصادية جديدة تقوم على تنويع مصادر الدخل الوطني عبر دعم الصناعة والزراعة والسياحة والأستثمار .

5•مكافحة الفساد بآليات حقيقية لا عبر الشعارات ، مع محاسبة كبار المسؤولين الفاسدين علناً .

6•تجديد الطبقة السياسية عبر دعم النخب الوطنية الجديدة ، وتشجيع الشباب والكفاءات على قيادة عملية التغيير .

7•إعادة بناء الثقافة الوطنية عبر إصلاح شامل لقطاع التعليم والإعلام ، بهدف ترسيخ الانتماء للوطن .

أخيراً وليس أخراً إن العراق اليوم وسط هذا الخراب العميم ، لا يحتاج إلى ترقيعات شكلية ، ولا إلى تبديل وجوه داخل نفس منظومة الفساد والفشل ، بل يحتاج إلى ثورة سياسية وفكرية شاملة ، تعيد الاعتبار للدولة ، وتحطم منظومة المحاصصة والفساد التي دمرت كل شيء ، لا مستقبل للعراق دون تصحيح المسارات ، ولا سبيل للخلاص إلا بإعادة بناء مشروع وطني عراقي مستقل ، قوي ، وعصري ، يضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار ...!

 

                خبير بالشأن السياسي والأمني

 


مشاهدات 67
الكاتب طه حسن الأركوازي
أضيف 2025/04/29 - 3:45 PM
آخر تحديث 2025/04/30 - 5:53 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 292 الشهر 32374 الكلي 10913021
الوقت الآن
الأربعاء 2025/4/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير