الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
خبراء يناقشون التغطية الإعلامية للتطوّرات في سوريا

بواسطة azzaman

خبراء يناقشون التغطية الإعلامية للتطوّرات في سوريا:

إنقسام الأحزاب يقوّض حيادية المحتوى ويدفع للتأجيج الطائفي

أكاديميون يشيدون بحيادية (الشرقية) وتناولها للأحداث بمهنية

 

بغداد - قصي منذر - محمد اسماعيل

ضيف ملتقى بحر العلوم للحوار في أمسية رمضانية متميزة، الندوة الحوارية الموسومة التغطية الإعلامية للتطورات في سوريا، التي تناولت دور الإعلام المحلي للأحداث السورية ومدى التزام وسائل الاعلام بالمعايير المهنية والأخلاقية.

 ورحب ميسر الندوة الدكتور أحمد عبد المجيد خلال افتتاح الجلسة، بالنخب الاكاديمية والإعلامية، وأكد أن (التطورات السياسية والميدانية في سوريا تصدرت اهتمامات وسائل الإعلام المحلية والدولية منذ انطلاقها في إطار ما يعرف بالربيع العربي، وصولًا إلى التحول الكبير الذي أدى إلى إسقاط الرئيس السابق بشار الأسد)، وأضاف أن (تداعيات هذه التطورات لا تزال تشغل صدارة التغطيات الإعلامية، نظرًا لارتباطها بالشأن المحلي، وتقاطعاتها مع المستويين الإقليمي والدولي)، وأشار إلى أن (أهمية مراجعة وتحليل هذه التغطيات من زاوية الإعلام العراقي تكمن في دور وسائل الإعلام في منع الاختلالات، ومنع دخول المجتمع في أزمات عبر المحتوى الذي تقدمه)، وأوضح عبد المجيد أن (للإعلام وظائف أساسية تتمثل في مراقبة المحيط، وتعزيز الهوية الوطنية، وربط المشكلات بالمجتمع، فضلًا عن نقل التراث الاجتماعي).

وتساءل (عمّا إذا كانت وسائل الإعلام قد تراخت في متابعة الوضع السوري، وهل أغفلت أو تجاهلت بعض الحقائق لصالح منهجيات دعائية؟ كما تساءل عما إذا كانت التغطيات الإعلامية قد ساهمت في تأجيج الكراهية والعنف، مما أدى إلى تفاقم الإرهاب). ثم التفت إلى وزير الثقافة الأسبق مفيد الجزائري وسأله (هل كانت وسائل الاعلام موضوعية وتعتمد الحياد التجرد الكامل في تغطية الشأن السوري؟). فرد الجزائري قائلاً إن (الموضوع السوري معقد في ذاته، ويزداد التباسًا في ماضيه وحاضره، ما يجعل التناول الإعلامي له متباينًا ومختلفًا بين الوسائل الإعلامية، التي تنطلق من زوايا متعددة وفق مصالحها ورؤيتها وخبرتها وتجربتها).

وأضاف (لا يمكننا أن نتوقع من الجميع مستوى موحدًا من الطرح، فكل وسيلة إعلامية تعكس موقفًا أو رأيًا فكريًا أو سياسيًا، ولهذا لا يمكن الحديث عن حيادية مطلقة في التغطيات الإعلامية، وبصفتي رئيس تحرير، فإن دوري يقتصر على تغطية الحدث وليس الحكم على الآخرين، لكن من الضروري أن نشير إلى أن بعض التغطيات انها لم تكن موضوعية أو بناءة بالشكل الذي يخدم تمكين الرأي العام من الفهم السليم واتخاذ المواقف المستقلة بناءً على تقييمات سليمة)، وأشار الجزائري إلى أن (الوضع في سوريا والمنطقة بأسرها بالغ التعقيد، وقد تكون على برميل بارود، حيث تطبق خطط قديمة وضعت منذ عقود، وما زالت العملية مستمرة، ما يثير تساؤلات عديدة حول مسارها ونهايتها والقوى المحركة لها، ومستوى تعاملنا معها كأبناء لهذه المنطقة).

وضع معقد

ومضى إلى القول (عند الحديث عن سوريا، لا يمكنني فصل معاناتها عن معاناة العراق، فكلا البلدين شهدا مرارات الدكتاتورية والحصار والحروب الطائفية، وكل أشكال المآسي والكوارث، ولقد تحملت سوريا الكثير، تمامًا كما تحمل العراق، والان نجدها في وضع بالغ التعقيد، بينما تعصف بالمنطقة عاصفة صهيونية إمبريالية، تفرض علينا التساؤل عن كيفية مواجهتها، وما إذا كنا سنظل عاجزين نتلقى الضربات كما حدث في غزة ولبنان، أم أننا قادرون على اتخاذ موقف فاعل)، وتساءل الجزائري (هل بادرت القوى السياسية إلى البحث عن سبل التصدي لهذه التحديات؟ وهل اقتصر الأمر على المواجهة العسكرية فقط، أم أن هناك مجالات أخرى يجب التحرك فيها؟، حيث لا يمكننا التسليم بأننا بلا حول ولا قوة، وإلا لتمكن الطغاة من فرض إرادتهم بالكامل، لذا، أليس من الأجدر أن يتنادى المخلصون للتشاور، والاستماع إلى بعضهم، والبحث عن خيارات تضعنا في موقع الفعل بدلًا من رفع راية الاستسلام؟). ثم طرح عبد المجيد، سؤالاً على الاكاديمي عباس عبود، (برأيك ما الذي يجعل التغطية الإعلامية للشأن السوري متباينة ومتصارعة في وسائل الاعلام المحلية؟)،  فكان جوابه هو أن (السياسة والإعلام متداخلان بشكل عضوي، لا سيما في قضايا حساسة مثل الوضع في سوريا، التي تقع في منطقة استراتيجية تتلاقى فيها القوميات المختلفة، من كردية وتركية وعربية وفارسية، إضافةً إلى صراع الأديان والطوائف، ما جعلها ساحة نزاع مستمر منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الان)،. وأشار إلى أن (غالبية النظم السياسية في المنطقة سلطوية ودكتاتورية، الأمر الذي جعل وسائل الإعلام التي تمتلكها هذه الأنظمة موجهة ومسيرة لخدمة مصالحها، ومع تطور الإعلام، كان للعراق حصة من هذا التحول، حيث ادت وسائل الإعلام الخارجية دورًا رئيسيًا في تشكيل الرأي العام العراقي، كما حدث مع معاهدة بورتسموث، التي حولها الإعلام المصري إلى قضية كبيرة أججت الشارع العراقي، برغم أنها كانت أفضل من الاتفاقيات السابقة)، وأضاف أن (الانقلابات العسكرية في العراق، مثل انقلاب 1958 و1962، اثر فيهما بشكل مباشر الإعلام المصري، من خلال إذاعة صوت العرب، حيث كان الشارع العراقي يتلقى رسائله الإعلامية من الخارج نتيجة افتقاده للثقة بوسائل الإعلام المحلية التي كانت تتغير مع كل انقلاب)،. وتابع إن (دوافع تأسيس الإعلام العربي الحديث، سواء الرقمي أو الفضائي، كانت سياسية بامتياز، حيث أصبحت المنطقة تقاد إعلاميًا من دول الخليج بعد أحداث الربيع العربي)، مؤكداً (دخول إسرائيل بقوة في المشهد الإعلامي من خلال منصات تستهدف الجمهور مثل إسرائيل بالعراقي، إضافةً إلى التمويل الخفي لمنصات إعلامية غير معروفة الانتماء، التي ساعدت في انتشار التضليل الإعلامي وصناعة الزيف والتلاعب بمنظومة القيم المجتمعية)، مبيناً أن (الإعلام العراقي لا يزال محصورًا في محليته، ويفتقر إلى الأدوات اللازمة لتسويق رؤيته على الصعيد الدولي). من جانبه، ويرى الأكاديمي كامل القيم أن (المعايير المهنية والأخلاقية في العمل الإعلامي لم تكن يومًا مطلقة، حتى في الإعلام الأمريكي والأوربي، حيث ظل تأثير التمويل والرؤى المختلفة عاملًا في تحديد مستوى الحياد والموضوعية، بينما ما زال الإعلام التقليدي يخضع لرقابة على صياغة الأخبار، ما يجعل انحيازه ظاهرًا للمتلقي، ولهذا السبب أن المؤسسات الإعلامية الكبرى تلتزم نسبيًا بالمعايير المهنية، خاصة أن محتواها خاضع للمراجعة قبل النشر، لكن ظهور المنصات الرقمية غير المشهد الإعلامي، إذ أصبحت تنتج محتوى غير خاضع للرقابة نظراً للسرعة والفورية، وهذا ما حولها إلى أدوات دعائية وحرب نفسية)،.

تحضير مسبق

وأوضح القيم أن (الإعلام يتعامل مع نوعين من الأزمات، الأولى الأزمات المركبة التي يتم فيها التحضير المسبق للمحتوى مثل الأفلام أو التقارير، والثانية الأزمات المفاجئة التي تتطلب تغطية فورية، كما حدث في سوريا ولبنان)، وذكر إن (الخطاب الإعلامي تأثر بتطورات الصراع، بدءًا من التغطية الأولية التي ركزت على التداعيات، مرورًا بتحركات المعارضة الى حمص والمدن الأخرى، ووصولًا إلى التضليل الإعلامي الذي اعتمد على المونتاج وبث الأخبار العاجلة غير الدقيقة، حيث إن الفضائيات في هذه المرحلة عانت من غياب المراسلين الميدانيين، الامر الذي دفعها للاعتماد على مقاطع مصورة التقطها أفراد مدنيون عبر هواتفهم)، ولفت إلى أن (بعض الجهات المعارضة نجحت في كسب جولات من الحرب الإعلامية عبر التلاعب بالصورة والنقل الإعلامي، الامر الذي دفع القوى الدولية إلى التفاعل مع الوضع السوري بصورة أكثر مرونة، وصولًا إلى الحديث عن تخفيف العقوبات عليها مقابل تقديمها بصورة مدنية).  وأضاف ان (انسحاب إيران وإعادة تموضع بعض القوى المعارضة شكل نقطة فاصلة في تحديد توجهات القنوات الفضائية، ومع دخول دول الخليج على الخط، زاد الانقسام بين التوجهات الإعلامية ذات البعد الديني والمذهبي وبين المصالح السياسية المتضاربة، كون معظم وسائل الإعلام تسعى إلى مغازلة الحكومات والجماهير دون الاعتبار للمعايير المهنية والأخلاقية، حيث تسعى إلى تحقيق مكاسب في الجولة الإعلامية الأولى قبل أن يفرض على الرأي العام القبول بالرواية التي يتم تقديمها)، اما الإعلامي البارز هشام علي، أكد في حديثه (أهمية الدور الأساسي للإعلام في نقل المعلومة والانتصار للحقيقة، معتبرًا أن هذه من بديهيات الإعلام والصحافة)، واضاف أنه (في العراق، المشكلة الكبرى تكمن في الانقسام الحاصل، حيث أنه من الصعب تقديم معلومة دقيقة في ظل الانقسامات السياسية بين الأحزاب)، ولفت إلى أن (الإعلام ساهم في إضعاف العراق على الصعيد الخارجي)، موضحًا أن (الأحزاب السياسية ساعدت في ذلك، حيث أن أي وسيلة إعلامية، مهما كانت تغطيتها واسعة، لن تتمكن من الحديث بحرية إذا كانت تدعم حزبًا معينًا، خاصة عندما تكون المحصلة المبنية على آراء ضيوف يمثلون توجهات حزبية معينة). واستشهد (بالـــــــــــــــــراحل عميد الدبلوماسيين محمد الحاج حمود الذي قال: كنت في تركيا للتفاوض وليس لدي ورقة أعارك بها والأحزاب في العراق متصارعة)، مؤكدًا أن (الأحزاب السياسية تسببت في إضعاف الدور العراقي الخارجي)، وشدد على القول (إذا كانت الأحزاب السياسية على رأي واحد، وكانت سياستها الخارجية واضحة في موقفها من سوريا، فالإعلام كان سيتعامل بمهنية أكبر، لكن في الواقع، مع استمرار الانقسامات الداخلية، أصبح من الصعب أن تكون السياسة الخارجية واضحة المعالم)، مشيرا الى إن (الأحزاب السياسية التي تمتلك أجنحة إعلامية تؤثر على المواقف الإعلامية، حيث إذا كان الموضوع يحمل بعدًا طائفيًا، فإن الإعلام قد يسهم في تأجيج الطائفية بشكل غير مباشر، وفي المقابل، تتعامل قناة الشرقية بحيادية وتسمي الأشياء بمسمياتها).  في مداخلة قدمها الاكاديمي كاظم المقدادي، اكد ان (الموضوع صعب ومعقد جدا، فالتغطية الإعلامية العراقية مهمة في تناول الشأن السوري، ولا اعتقد هناك مؤسسات لديها معايير مهنية كونها تابعة لجهات حزبية، ما عدا قناة الشرقية وقد تكون العراقية أيضا).وشهدت الندوة، عرض فيلم وثائقي لطالب الماجستير في قسم الاعلام بمعهد العلمين (تحسين طه) والذي كان مكلف بتغطية الاحداث من على الحدود السورية اللبنانية، كما شهدت الندوة مداخلات النخب الاكاديمية والإعلامية، الذين قدموا انطباعاتهم بشأن التغطية الإعلامية إزاء الاحداث السورية ومدى التزامها بالمعايير المهنية والأخلاقية. وتضمنت الندوة عرضًا لفيلم وثائقي أعده طالب الماجستير في قسم الإعلام بمعهد العلمين، تحسين طه، الذي كُلّف بتغطية الأحداث على الحدود السورية اللبنانية. كما شهدت الندوة مداخلات من نخبة من الأكاديميين والإعلاميين، الذين قدموا رؤاهم بشأن التغطية الإعلامية للأحداث السورية ومدى التزامها بالمعايير المهنية والأخلاقية. مشددين على ضرورة النهوض بواقع الإعلام العراقي، وتعزيز دوره في تقديم تغطية مهنية قائمة على الدقة والموضوعية، بما يسهم في تنمية وعي مجتمعي قادر على استيعاب الأحداث وتحليلها بعيدًا عن التضليل والانحيازات الأيديولوجية.وقال رئيس الملتقى المهندس إبراهيم بحر العلوم لـ (الزمان) ان (الإعلام العراقي يعد من المفاصل المهمة في توجيعه الرأي العام، ويمكن إعتباره السلطة الرابعة، لافتاً: أهنمية الندوة تأتي من مسح ميداني لواقع التغيير الذي تشهده سوريا؛ لأن هناك الكثير من التساؤلات بحاجة الى أجوبة. ونوه عميد معهد العلمين للدراسات العليا زيد عدنان الى (أهمية هذه الندوة تنبثق من موضوعة المتغير السوري في آلة الإعلام المحلي والإقليمي والدولي، وهل كانت منصفة ومحايدة تجاه هذه الأزمة؟ أعتقد أن الندوة موفقة في تشخيص العلل والأخطاء والكبوات أمام مستقبل مجهول).

 

 


مشاهدات 197
أضيف 2025/03/26 - 2:54 PM
آخر تحديث 2025/03/31 - 7:34 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 201 الشهر 19248 الكلي 10580197
الوقت الآن
الإثنين 2025/3/31 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير