سوريا الجديدة تشرّع دستورها الإنتقالي
أكرم عبدالرزاق المشهداني
بعد مرور ثلاثة أشهر على انتصار الثورة السورية في 8 ديسمبر 2024 وسقوط النظام السابق على يد فصائل معارضة تقودها «هيئة تحرير الشام»، يتزعَّمها احمد الشرع، وبعد فرار الرئيس السابق بشار الأسد، وبعد الغاء الدستور السوري السابق، فقد وقَّع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، مُسوَّدة الإعلان الدستوري الذي حدَّد المرحلةَ الانتقاليةَ في البلاد بـ5 سنوات، مشيداً بما وصفه بـ«تاريخ جديد» في البلاد.
ما هو الإعلان الدستوري؟
هو مجموعة من المواد القانونية الدستورية لتنظيم الدولة في حالة سقوط الدستور، وفي الحقيقة هو عبارة عن دستور مختصر مكون من عدد قليل من المواد، يسمح للسلطة الجديدة الحاكمة بحكم البلاد بصورة قانونية، وتسهيل إصدار قوانين تسيّر أوجه الحياة في البلاد لحين يتم وضع وصياغة دستور دائم.وكانت السلطات الجديدة أعلنت في حينها تعيين حكومة تصريف أعمال لمدة 3 أشهر، أي حتى مطلع مارس (آذار)، إلا أنه لم يصار بعد إلى تشكيل حكومة انتقالية. وقد انتهت اللجنة الموكلة بوضع الاعلان الدستوري من عملية الصياغة، قبل ان تسلمه للرئيس الانتقالي احمد الشرع. وستكون الوثيقة سارية طوال المرحلة الانتقالية، والتي تمتد حتى تحقيق الاستقرار وإجراء استفتاء شعبي على دستور دائم، وأن مدة هذه المرحلة ستحدد بناء على الظروف السياسية والأمنية، ومدى تقدم عملية بناء المؤسسات.
روح الدساتير
الإعلان الدستوري الجديد يتالف من (52) مادة موزعة على (4) أبواب ويستند على روح الدساتير السورية السابقة 1950 و 2012 ونص في أولى مواده أن “ الجمهورية العربية السورية دولة مستقلة ذات سيادة كاملة، وهي وحدة جغرافية وسياسية لا تتجزأ، ولا يجوز التخلي عن أي جزء منها.” “. وحددت الوثيقة أن دين رئيس الجمهورية هو الإسلام، وأن “ الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع».وأن حرية الاعتقاد مصونة، وتحترم الدولة جميع الأديان السماوية، وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على ألا يُخلّ ذلك بالنظام العام. ونص على أن الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية وفقاً للقانون. ونصت المادة (4) أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة.ونصت المادة (7) على ان تلتزم الدولة بالحفاظ على وحدة الأرض السورية، وتجرّم دعوات التقسيم والانفصال، وطلب التدخل الأجنبي أو الاستقواء بالخارج. وتلتزم الدولة بتحقيق التعايش والاستقرار المجتمعي وتحفظ السلم الأهلي وتمنع أشكال الفتنة والانقسام وإثارة النعرات والتحريض على العنف. وتكفل الدولة التنوع الثقافي للمجتمع السوري بجميع مكوناته، والحقوق الثقافية واللغوية لجميع السوريين. وتضمن الدولة مكافحة الفساد. ونصت المادة 9: على أن الجيش مؤسسة وطنية محترفة مهمته حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامتها ووحدة أراضيها. بما يتوافق مع سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان. ونصت على أن الدولة وحدها هي التي تنشئ الجيش ويُحظر على أي فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية، ويُحصر السلاح بيد الدولة. مرتكزات العدالة الانتقالية كما وردت في الاعلان الدستوري تمهد الدولة الأرضية المناسبة لتحقيق العدالة الانتقالية من خلال: (المادة 48) إلغاء جميع القوانين الاستثنائية التي ألحقت ضرراً بالشعب السوري وتتعارض مع حقوق الإنسان. وإلغاء مفاعيل الأحكام الجائرة الصادرة عن محكمة الإرهاب التي استخدمت القمع الشعب السوري بما في ذلك رد الممتلكات المصادرة. وإلغاء الإجراءات الأمنية الاستثنائية المتعلقة بالوثائق المدنية والعقارية والتي استخدمها النظام البائد لقمع الشعب السوري. ونصت المادة 49 هلى ان تستحدث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية تعتمد آليات فاعلة تشاورية مرتكزة على الضحايا، لتحديد سبل المساءلة، والحق في معرفة الحقيقة، وإنصاف للضحايا والناجين، بالإضافة إلى تكريم الشهداء. وان تستثنى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية وكل الجرائم التي ارتكبها النظام البائد من مبدأ عدم رجعية القوانين. وتجرم الدولة تمجيد نظام الأسد البائد ورموزه، ويعد إنكار جرائمه أو الإشادة بها أو تبريرها أو التهوين منها، جرائم يعاقب عليها القانون.