الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
خيانة الوطن جريمة تدمي القلب

بواسطة azzaman

خيانة الوطن جريمة تدمي القلب

جاسم محمد حمزة الجبوري

 

الوطن في مفهوم الدين والمجتمع هو الروح التي تقوم عليها حياة الانسان فبدونه نَفْنى وبوجوده نحيا ، ومهما بلغنا من العمر لابد من أنْ ينتهي وجودنا لكن الوطن باقٍ خالدٌ لا يزول وتَفكَّر أنّ الوطن بيتنا الكبير الذي ترعرعنا فيه ونشأت بأرضه أجيال وأجيال كلّها فَخُرت بالانتماء إليه بِلا استثناء واستجابت لندائه في كل وقت وحين ، إنّه المكان الذي نتمسك به وبسمائه ومياهه وبكلّ ما يحتويه من أشياء فِطْرةً وروحياً فهذا الشعور بالانتماء للوطن هو القوة الخارقة الممهّدة الطريق للشعب لحكم نفسه بنفسه من دون وصاية أجنبية وممارسة نشاطاته اليومية فوق جميع أراضيه وَفْقاً للأنظمة والقوانين والتعليمات المعتمدة في البلد .

قيمة عظيمة

وفي الوقت الذي يكون فيه الوطن مصاناً نعيش بعز وشرف وأمن وسلام فضلاً؛عن ذلك تَبْرُز إلى حيّز الوجود حياة فائضة بالسعادة والتَّواد فلا عنوان يعلو عليه ؛ لأنهّ قيمة عظيمة ومسمّى أكبر من المسمّيات الأخرى كلّها بحكم كتاب الله تعالى وسنّة النبي وأقوال الحكماء ، وفي ضوء هذه التوصية السّماوية وما انبثق منها يتوجّب علينا أنْ نضحّي بأرواحنا وأموالنا للدفاع عن الوطن خصوصاً إذا كان رازحاً تحت خطر أو استيلاء أجنبي بالقوة ، فرسائل السّماء صريحة فرضت على الانسان الحُبّ لوطنه والانتماء إليه والاعتناء به وعدم التقصير من أجله كما جاء في قوله تعالى :

 (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) النساء/66. أمّا في حدود السّيرة النبويّة فكان للنبي محمد (ص) طريقة تصوّر أخرى في حُبّ الوطن بناها على وقائع ثابتة فما ورد عنه وهو يودﱢع بلدته مكة أنّه قال: ( ما أطيبَكِ من بلدٍ وأحبَّكِ إليَّ ، ولولا أنَّ قومي أخرجوني منكِ ما سَكَنتُ غيرَكِ ) وللصَّحابة أيضاً أقوال مأثورة متنوعة في حُبّ الوطن منها مقولة سيدنا عمر ( رض ) : ( عمَّر الله البلدان بحبّ الأوطان ) وحكمة سيدنا علي ( رض ) : ( من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه وحنينه الى أوطانه وحفظه قديم إخوانه ).

وبناءً على هذا الفَهْم فكلُّ ما يجري في هذا البلد من مؤامرات بتوجيه وبأوامر من الخارج كالتخابر مع دولة أجنبية أو التجسّس لحسابها وتأجيج الخصومة بين الناس وإحراق مؤسسات الدولة من عملاء العدو وذُيوله ومساعدة أعداء البلد في أثناء الحرب واستهداف الشخصيات السّياسية المؤثرة على أمل تغيير شكل النظام بما يوافق خِيارات العدو الحاقد وتصفية الطّيارين والضّباط العسكريين الكبار والأكاديميين والفنانين وعلى هذا المنوال قِسْ هي أفعال وسلوكات إجراميّة يتأذّى بها الوطن وخيـــــــانة عظمى لا تُشْفع بل تُدمي القلب ومبغوضة عند الله ســـــــــــبحانه وتــــــــــعالى ولتداعياتها الكارثية  وردت في القرآن ( 16 ) مرة وتكون العقوبة الدارجة على هذه الخيانة في القانون هي الإعدام أو السّجن المؤبد .

نظام حكم

ومن المنظور القيمي إنّ الحدّ من هذه الجريمة (خيانة الوطن) وتقليص نطاقها يتوقّف على وجود نظام حكم يُؤمن بحبّ الوطن غريزةً وعقيدةً سواء أكان مساحةً جغرافيةً محدّدةً أمْ عالَماً عربياً كبيراً ويتعهّد برعاية مصالحه وتنشئة أهله في خدمة أوطانهم وأمتهم التي ينتمون إليها.         


مشاهدات 69
الكاتب جاسم محمد حمزة الجبوري
أضيف 2025/03/12 - 3:30 PM
آخر تحديث 2025/03/14 - 12:23 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 60 الشهر 6976 الكلي 10567925
الوقت الآن
الجمعة 2025/3/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير