أسعار الأدوية في العراق
علي إبراهـيم الدليمي
بعد العام 2003، سافرت إلى (عمان)، مع وفد رسمي، وقد أوصاني أحد الأصدقاء لجلب له دواء غير موجود في بغداد، (بعدما زودني بنموذج من غلاف الدواء الذي يريده).. وفعلاً عثرت عليه، بسعر معلوم، حاولت أن أذهب إلى صيدلية أخرى، لعلي أحصل عليه بسعر (أقل)، فكان نفس «السعر»، وحاولت الكرة مع أربع صيدليات تقريباً، فكان نفس الدواء والسعر، بالتمام والكمال بدون أي فرق.
كنت وقتها، ما زلت بعقلية (الحصار) في العراق، حيث كل صيدلية تبيع الدواء وفق هواها، لا حسيب ولا رقيب، لذلك زهقت أنفس عراقية كثيرة بسبب عدم حصولها على الدواء، لأرتفاع سعره إلى فوق الخيال!!
كشفت أن هنالك نظام (الباركود) الذي يعملون به، موجود على كل علبة دواء، وتحت رقابة رسمية وصحية، بحيث تحصل على أي دواء وفي أي مكان من الأردن بنفس السعر، علماً لاحظت فيما بعد سنوات لاحقة، هذا النظام موجود بكل الدول المجاورة..!
تذكرت، هذا الموقف، قبل أيام وأنا أراجع أحد الأطباء في بغداد، بعدما كثرت عللي، والذي كتب لي وصفة طبية، وعندما ذهبت إلى إحدى الصيدليات القريبة من عيادته، طلب مني مبلغ (80) ألف دينار.. لم أشترِ الدواء، وقررت أن أحصل عليه من صيدلية أخرى، بسعر أقل، وفعلاً ذهبت إلى عدة صيدليات، ولكن في منطقة أبعد من ذلك، ولكن جميعهم لم يستطيعوا (فك شفرة الطبيب)، إلا أحدهم حاول بجهد كبير أن يفك الطلسم الكبير، ويعطيني الدواء.. بسعر (10) ألآف دينار فقط !!
والمضحك المبكي في هذا الموضوع، ان عائلتي ومن سمع بهذه الحالة، بدأوا يوبخونني بأن هذا الدواء لربما ليس الموجود في الوصفة، ومنهم من يقول أن هذا الدواء «فاشل».. والسبب يعود برمته إلى الفرق الكبير الحاصل في سعر الدواء.. للأسف الشديد بدأنا لا نقتنع بالشيء إلا إذا كان غالي الثمن، وهذه طامة كبرى!
يبدو أن (عقليتي) ما زالت صحيحة تعمل تحت عصر (الحصار) كل من يبيع وفق هواه، وسيبقى هذا الأمر قائماً، حتى تزول حكومة الفساد الإداري والمالي، ما دام لا رقيب ولا حسيب، والطبيب يكتب وصفاته (بشخبطات) لا يفكها إلا من يتعامل معهم من (بياعي) الدواء، رغم أن (نقابة الأطباء) حسب علمي، عممت توجيه، ألزمت فيه جميع الأطباء بكتابة وصفة الدواء على آلة الحاسبة.. لو أني (غلطان)..؟!