الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
دبلوماسية اليوم: على عينك يا تاجر

بواسطة azzaman

دبلوماسية اليوم: على عينك يا تاجر

نزار محمود

 

منذ قديم الزمان تعلمنا ان الدبلوماسية مهنة المحنكين في العلم والأدب والذكاء الميداني وسرعة البديهة والسرية والكتمان، المستمعين والمتحدثين بهدوء ونباهة وقلة وتركيز، وغالباً ما يستخدمون العيون ولغة الجسد في ما يعبرون ويريدون. متنوعة اهتماماتهم وماهرة ألسنتهم بلغات اجنبية، وقد تضاف اليها وسامتهم دون اشتراطها مثل ملابسهم واناقتهم. حتى أن تناولهم للطعام يختلف في أدبه وصحبته.

كل ما أشرنا اليه يهدف إلى أن يكون الدبلوماسي مؤثراً في الآخرين على درب تحقيق أهداف عمله لصالح بلده وشعبه في تطوير علاقاته وجني ثمار ذلك التطوير.. وحيث ان مهام العمل الدبلوماسي يمكن أن تمتد الى، بناءً على حصانتها، جانبها الآخر المتعلق بالوقوف على أكثر ما يمكن من معلومات، عامة وخاصة، بصورة مشروعة وأحياناً عير مشروعة عن طريق التجسس وشراء المعلومات أو ابتزاز الأشخاص أو السطو الرقمي، فإن هذا الأمر دفعها من منطقتها الخضراء الى البرتقالية وحتى الحمراء! ومع انتهاء الحرب الباردة وانهيار دول  النظرية المجابهة للرأسمالية وتساقط الحدود الجغرافية والثقافية، وشعور الانتصار الذي سرى في عروق دول معسكر الغرب وفي طليعتهم الولايات المتحدة الأمريكية، باتت الدبلوماسية لدى الغالبين وبصورة متزايدة تظهر رغبتها في الهيمنة وانتظار احترام وتقدير الآخرين لها وحتى الخوف منها. هذه الروحية الجديدة في الدبلوماسية تمثلت في ان تحولت سفاراتها الى مقصد كل سياسي، ناهيك عن وزراء وأصحاب رأي. كما بدأ سفراؤها يتدخلون في الشؤون الداخلية، يوجهون ويحذرون، وباتوا لا يتقيدون بكثير مما اعتادت عليه آداب الدبلوماسية وبروتوكولاتها.

ان ما حصل قبل أيام من مشادة نقاشية بين رئيس أقوى دولة في العالم، الذي اعتاد تجاوز كثير من الأعراف السياسية والدبلوماسية في تعامله مع الآخرين والقضايا الدولية، وبين زيلنسكي، الرئيس الاوكراني، وعلى الهواء وأمام الكاميرات، يؤشر  الى تغير  كبير في ممارسة الدبلوماسية التقليدية، ويدفع بالبعض الى نصح الرئيس الاوكراني بالاعتذار رغم طرده من البيت البيضاوي!

لقد أسقطت الترامبية، والتي سيحدوا الآخرون قدر المستطاع والتمكن حذوها، الأقنعة التقليدية عن وجوه السياسيين والدبلوماسيين، وستظهر الانياب حدة قواطعها دون الحاجة الى إخفائها بابتسامات صفراء!!

لقد بدأنا نعيش اليوم دبلوماسية: على عينك يا تاجر، دون خجل أو وجل. 


مشاهدات 88
الكاتب نزار محمود
أضيف 2025/03/05 - 12:54 PM
آخر تحديث 2025/03/06 - 3:15 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 102 الشهر 2790 الكلي 10463739
الوقت الآن
الخميس 2025/3/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير