نظرية الكروي في الديمقراطية الإسلامية
محمد إسماعيل
ناهض محمود الكروي، تجربة مصطفى كمال أتاتورك، في إرساء ديمقراطية غربية منفلتة، حث على ألا تتبعها التجارب المغاربية الناهضة من نير الإستعمار الى إستقلالية القرار، في ليبيا وتونس والمغرب والجزائر وموريتانيا، بحسب تشخيص عمار عطا الله عبد الله الجبوري، مؤلف كتاب “الأستاذ الدكتور محمود صالح الكروي وإسهاماته في كتابة التاريخ السياسي المغاربي” الصادرة طبعته الأولى عن دار “رؤى” نهاية 2024.
الكتاب معد عن رسالة نال عنها الجبوري درجة الماجستير بإمتياز، من كلية العلوم السياسية في جامعة الموصل العام نفسه، شرح فيه نظرية الكروي لديمقراطية إسلامية كافية لتحقيق إستقرار عربي، مستخلصاً نظرية إسلامية ناجعة للديمقراطية، من بين فوضى النظريات المتآكلة، التي ترسي مظاهر ديمقراطية تدمر الشعوب بالمراءآة اللا مسؤولة.
وبمواصلة القراءة في الكتاب، نجد في طروحات الكروي، منجزاً فلسفياً مبسطاً، يجترح خصوصية ديمقراطية، تنطلق من الإسلام عبر العرب الى العالم.. مكاناً وزماناً، حيث إشتغلت نظرية الكروي على التعريب المنهجي للخلاص من الفرانكفونية التي تفصم عرى الإنتماء العربي الإسلامي في دول المغرب العربية، لصالح الإنتماء المفتعل للغرب الفرنسي، بتهجين الشخصية المغاربية التي عادت الى عروبتها الإسلامية في أقل من ربع قرن؛ لأن البديهيات السوسيولوجية تقضي بعودة المجتمعات الى الأصل مهما حاول الإستعمار تهجين شخصية الفرد، بإعتباره اللبنة الأساس للشعب!
أشار الجبوري في كتابه “ الأستاذ الدكتور محمود صالح الكروي وإسهاماته في كتابة التاريخ السياسي المغاربي” الى أن الكروي آمن بالتأمل العقلي في وقائع التاريخ؛ لفك الإشتباك بين الصح والخطأ في تناول أحداث الماضي، وهو منهج ديني يكاد يبلغ قوة التكليف؛ لأن الإسلام يرجح مؤمناً تأملياً على عشرات مؤدين الفرائض بميكانيكية صماء.
فقد شخص الجبوري نظرية “التفكير المغاير” التي إجترحها الكروي، كمنهج أكاديمي رسخه على صعيد جامعات العراق والدول العربية والعالم، من خلال طروحاته المغاربية كوسيلة في خطاب مباشر.. بسيط، يؤكد ميراث أمريكا المستعمرة الإقتصادية الوليدة من فرانكفونية بريطانيا الممتدة من مطلع القرن العشرين الى نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث أنزل الكروي الديمقراطية من برج السياسة العاجي، الى التداول الشعبي، في بحوثه القائمة على الإستدلال التحليلي، وفق ما ورد في رؤية الجبوري ضمن كتابه المعدول عن رسالة الماجستير بإمتياز.
سيرة علمية
إستعرض الكتاب السيرة العلمية والشخصية للأستاذ الدكتور محمود صالح الكروي، وآراء شخصيات معرفية مرموقة في التاريخ الأكاديمي للثقافة.. عراقياً وعربياً، بينهم المؤرخ د. إبراهيم العلاف، وعطاء الكروي في ترشيح خمسين عنواناً لأطاريح دكتوراه ورسائل ماجستير، وإشرافه على سبع وثلاثين ماجستير وثلاث عشرة دكتوراه ومناقشته مائة وعشرين راسلة وإطروحة، توزعت بين جامعات بغداد والمستنصرية ومحافظات البصرة وبابل والديوانية وواسط والموصل وكركوك وديالى وأربيل وتكريت وسامراء، وله ثلاثة عناوين مسجلة في الجامعات المصرية، كما أشار د. العلاف، في بيان نشر ضمن فصول الكتاب، يوضح أهمية الكروي، في تقليص الفجوة بين الثقافتين المشرقية والمغاربية.. عربياً، بمنهجية حفزت الباحثين وطلبة الدراسات العليا، على إتباع سبيله الأكاديمي، بعد أن عانت الجامعات من شحة المصادر في الميدان المغاربي.. سياسياً.
ورد في فصول الكتاب أن الكروي نشر المجلة العربية للعلوم السياسية، صيف 2011 دراسة بعنوان “ذاكرة الإنقلابات العسكرية في موريتانيا.. الصرع على السلطة” قدم فيها مقترحاً بتضمين الدستور الموريتاني فقرة تجرم الإنقلابات العسكرية، أخذت به برلمان موريتانيا؛ فإستقرت سياسياً، بعد خمسة عشر إنقلاباً فتنت الشعب معطلة خطط التنمية، التي إستعادت صيرورتها؛ الأمر الذي أشاد به أحمد سالم.. عضو النقابة الوطنية للصحافة الموريتانية، في مقال منشور على الأنترنت.وبين الكتاب أن بحوث الكروي.. التي تخصصت بالمغرب وموريتانيا.. لم تغفل الدول المغاربية الأخرى تونس والجزائر وليبيا، وقد إعتمد الباحثون وطلبة الدراسات العليا، مؤلفات الكروي مصدراً.