الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تعديل قانون العفو العام بين النظرية والتطبيق

بواسطة azzaman

تعديل قانون العفو العام بين النظرية والتطبيق

اسكندر المسعودي

 

يصدر العفو العام لمصلحة مجتمعية ملحة تراها السلطة العامة وهذا العفو إنما يصدر بحق المحكومين والمدانين بجرائم قد قال القضاء فيها كلمته أو أنها مازالت قيد التحقيقات الجنائية ، فكلمة العفو لغة هي : مصدر للفعل عفا أي المحو أو الترك ، أما إصلاحا فالعفو هو : ترك العقاب وتجاوز عن الذنب فالعفو عن مجرم أذن هو تجاوز عن ذنب ارتكبه بحق الغير أو بحق المجتمع وقد يكون هذا العفو مشروط بحق المذنب (المعاقب ) كأن يكتفي بما قضى من عقوبته فيشمل مثلاً من قضى نصف المدة أو أكثر أو تلتها و يعتبرها المشرع أنها مدة كافية لإصلاحه تماشياً مع نظرية ( العقوبة إصلاح لا انتقام ) أو ربما يأتي قانون العفو باستبدال عقوبة بعقوبة أخف قد نص عليها قانون العقوبات فمثلاً تستبدل العقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد أو المؤقت أو عقوبة السجن المؤقت لمدة طويلة لمدة أقل أو بعقوبة الحبس وهكذا ،

من خلال ما تقدم ذكره ومناسبة صدور قانون تعديل الثاني لقانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016 الذي شرعه مجلس النواب قبل أيام واعتبره نافذاً من تاريخ التصويت عليه في 21/1/2025 وحسب ما نصت المادة الأخيرة منه بعد مصادقة رئيس الجمهورية ونشره بالجريدة الرسمية.

تحقيقات جنائية

نرى أن هذا القانون ليس قانون العفو بالمعنى المتداول المنصوص عليه في قوانين العقوبات للدول بقدر ما هو قانون فتح باب جديداً لطرق الطعن القانونية لصالح المحكومين أو المدانين سواء كانت قراراتهم اكتسبت الدرجة القطعية من عدمه أو متهمين ما زالت قضاياهم قيد التحقيقات الجنائية خاصة في الجرائم المصنفة بالإرهابية وكان هذا التعديل بمثابة تعديل للإجراءات وليس قانونا للعفو عن الأشخاص الذين تم تجريمهم فعلاً فقد نص التعديل المذكور أنه ستجري إعادة محاكمتهم مجددا حتى ولو أنهم قد إستنفذوا كافة الطرق الطعن القانونية بما فيها طريق إعادة المحاكمة فمن تمت إعادة محاكمته بموجب قانون السابق قبل التعديل الأخير يجوز له طلب إعادة المحاكمة مجدداً وهذا مبدأ جديد يخالف مبدأ قانوني منصوص عليه في قانون أصول المحاكمات الجزائية انه لا إعادة محاكمة على إعادة المحاكمة

وفي القانون الجديد إنما جاء تشكيك بقرارات محاكم الجنايات وتشكيك بصحة إجراءات محاكم التحقيق وتقويضاً لها وإعتبارها مخالفة للقانون ولا يطمئن لها لذلك نرى أن ما جاء به التعديل الأخير مخالف لمفهوم العفو لغة اصطلاحاً ومن كافة الأوجه لا بل يتعارض عنوانه مع ما جاء بمحتوى نصوصه فكيف يستقيم القول أن نسمي القانون بقانون للعفو ومواد تنص على سلسلة من الإجراءات.

 ستقوم بها المحاكم وتشكيل لجان قضائية لغرض تنفيذ مضمونة في حين أن العفو إنما يصدر بحق المذنب دون قيد أو شرط لغرض اندماجه في المجتمع مجددا والصفح عنه فكان الأحرى بالمشرع تعديل القانون وفق مفهوم العفو عن المذنب من العقوبة التي صدرت بحقه أو ما تبقى منها أو عند انقضاء جزءاً من العقوبة على الأقل ونرى أن التعديل الجديد يفتح الباب على مصرعيه بإجراءات جديدة ومحاكماة ستنشغل المحاكم بها لمدة طويلة قد تستغرق سنوات لمراجعة قضايا لآلاف من المدانين والمعاقبين كما هو استحداث لطريق جديد للطعن لم ينص عليه قانون الأصول المحاكمات الجزائية بل يخالف بعض نصوصه وهنا المتهم قد لا يستفيد من هذا العفو سوى فرصة المثول للتحقيق والمحاكمة مجدداً وربما ستتوصل المحاكم إلى ذات الحكم الذي وأدين به المتهم.

لذلك نرى أنه من الأفضل أن يكون العفو شاملاً لكل المدانين عفواً عاماً حقيقياً أو من قضى منهم مدة النصف الثلث او ربع من محكوميته في الأقل لكي يكون هذا العفو فعالاً ومنتجاً بحق المتهمين وذويهم ومجتمهم لقضايا شائكة استغرق التحقيق والمحاكمة بها لسنوات طويلة وبظروف أمنية صعبة ومعروفة ، لياتي القانون الجديد ليعيد النظر فيها مجدداً ونرى هذا هو انفع للمدان والدولة والقضاء وإعطاء المحكومين فرصة للاندماج في المجتمع وفرصة للتخفيف آلام المظلومين منهم وعوائلهم وليكونوا عنصر مفيد للوطن لا يكون سجين عالة عليه .

 

محام


مشاهدات 71
الكاتب اسكندر المسعودي
أضيف 2025/02/03 - 12:20 AM
آخر تحديث 2025/02/03 - 6:45 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 454 الشهر 1483 الكلي 10296854
الوقت الآن
الإثنين 2025/2/3 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير