العراقيون بين زيارتين للأمام موسى الكاظم (2007 و 2025)
هل ما تزال عرض مظالم ؟
قاسم حسين صالح
في زيارة الأمام موسى الكاظم « ع « (9 /8 /2007)، أفادت القنوات الفضائية التي واكبت المسيرة بأن عدد الزائرين كان بين مليونين إلى ثلاثة ملايين معظمهم جاء سيرا» على الأقدام برغم شدة الحر في آب اللهاب، بعكس زيارته هذه السنه( شتاء 2025) التي اشتدت فيها درجة البرودة.. قدرتهم (العالم) بالملايين.
وكنا تساءلنا في زيارة (2007) عن الأسباب وراء هذا العدد المذهل من الزائرين في ظروف الحر الشديد وعلمهم المسبق بأنهم قد يتعرضون إلى الموت بعبوات أو أحزمة ناسفة أو تفجير سيارات مفخخة أو قذائف من مدافع هاون وغيرها من وسائل الموت بما فيها تسميم مياه الشرب:
هل فعلا» أن السبب كان دينيا» وأداء شعائر واجبة ، أم أن ورائها أسبابا سياسية وإعلانا» تحذيريا» على لسان طائفة تريد أن تقول للخصوم والأعداء والمحايدين « مهما صار بنا فنحن ها هنا موجودون «؟.
وإن كان وراء هذا الحشد البشري الضخم « سياسة «..اعني تعبئة سياسية من أحزاب دينية ـ سياسية فأنني اترك الأمر للمحللين السياسيين ، فما يعنيني هنا هو الأسباب السيكولوجية ليس إلا .
لقد تابعت عددا من المقابلات التي أجرتها قنوات فضائية مع زائرين وزائرات ، فوجدت أن لديهم حاجات يأملون تحقيقها من هذه الزيارة حددوها في إجاباتهم التي اشرنا لها في اعلاه من: (نريد الأمان أولادنا تكتلوا « قتلوا « الى ..يزي عاد تره شبعنا تعب).
عرض مظاليم
هذا يعني أن زيارة هذه الملايين لضريح الإمام موسى الكاظم كانت: عرض مظالم وتقديم طلبات لتحقيق حاجات عامة تتصدرها حاجتهم إلى الأمان.
ونسأل: إن الذي أرعب الناس وافقدهم الأمان هم : القاعدة وقوات الاحتلال والمليشيات وعصابات الجريمة ، فما الذي يفعله الإمام بقتلة مجرمين نسفوا حتى أضرحة أحفاده من الأئمة الأطهار وقتلوا الآلاف من الناس المسالمين والنساء والأطفال الذين لا علاقة لهم بالسياسة وبالطائفية ؟!
ربما سيكون جوابهم : إن للإمام جاها عظيما عند رب العالمين..وجوابنا : وهل أن الله سبحانه غافل عما يفعلون؟!
وكانت حاجتهم الثانية : « نريد الكهرباء «.
ونسأل مرة أخرى: ما شأن الإمام « ع « بتوفير الكهرباء للناس؟. هل أن وزير الكهرباء « ظام « هذه النعمة عن الناس وان الإمام سيؤنبه ويأمره بتوفيرها إلى عباد الله؟ . وإذا أجاب الوزير بأن قلبه « محترق « على الناس ولكن « ما بيدي حيله « فهل يأمر الإمام الحكومة بشراء المولدات العملاقة، وأنها ستستجيب لأمره فورا» فتنير العراق من زاخو إلى أم قصر؟!
وكان الطلب الثالث للمسيرة المليونية هو « إصلاح حال السياسيين «.
ونسأل ثالثة : وهل الإمام « ع « قادر على إصلاحهم ، وهم الراكبون رؤوسهم من أربعة أعوام ، وراح بسبب خلافاتهم مئات الآلاف من الضحايا وستة ملايين بين مهاجر ومهجّر ومئات المليارات من الخسائر المادية ؟
وختمنا مقالنا ذاك بالقول:
سيداتي آنساتي سادتي:
ثقوا لو أن موسى الكاظم « عليه السلام « خرج بنفسه ودعا المتخاصمين من السياسيين إلى المصـــــالحة لما أطاعوه. ولو أنه حضر اجتماعا» واحدا» للحكومــــــة لراعه أن يجد المســـؤولين عن رعيته على هذا المــــستوى من الجهالة والظلال المبين.
· بعد 18 سنة..هل تحققت مطالبهم؟
كان اهم مطلبين للعراقيين في (2007) هما:
· نريد كهرباء
· و اصلاح حال السياسيين
والمفارقة ..ان الثانية تحققت بأن توحد السياسيون الفاسدون وصارت كل الأمور بايديهم..والكهرباء هي هي ، رغم ان واردات العراق من النفط تعد بالمليارات.. فلماذا؟
الجواب.. يأتينا من اعلى مسئول في الدولة صرّح به عبر قناة الحرة ،وكان بالنص:
عوائد النفط
(في سبتمبر 2021، كشف الرئيس العراقي آنذاك، برهم صالح في تصريحات متلفزة أن أموال العراق من عوائد النفط منذ 2003 تصل لنحو ألف مليار دولار، وقال إن التقديرات تشير إلى أن الأموال المنهوبة من العراق إلى الخارج تقدر بنحو 150 مليار دولار.)
وهذه الحقيقة اجابت عنها المرجعية بأن المليارت صارت بخزائن ( حيتان الفساد) وهم معروفون..فكبيرهم الذي كان فقيرا معدما،اصبح ملياردير دولار! بشهادة مركز البحوث الفرنسي، وسرقة القرن بكذا مليار معروفة.. والسبب الرئيس ان الذي حكم العراق ثمان سنوات قال علنا ( لديّ ملفات للفساد لو كشفتها لأنقلب عاليها سافلها) وما كشفها..فشاع الفساد وصار ما كان يعدّ خزيا في قيم العراقيين..شطارة وانتهاز فرصة!
ومن مفارقات (اللامعقول في العراق) ان السيد مقتدى الصدر،الذي اعتبر مكافحة الفساد فرضا وصار اقوى خصم جماهيري للفاسدين..قام باجراء غريب عجيب بأن سحب 74 نائبا ،وبها قدم ثروة العراق كلها لحيتان الفساد..وكان نتيجتها 13 مليون فقيرا باعتراف وزارة التخطيط في وطن هو الأغنى بالمنطقة!
ونعود نسأل:
هل ما يزال ملايين الزائرين في (2025) يعرضون مظالمهم على الأمام موسى الكاظم كما عرضوها في 2007؟
والى متى يبقون يرددون (حسبنا الله ونعم الوكيل) مع أن الله سبحانه قال:
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)؟.