الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإعلام الفاسد ومخاطر منصات التواصل الاجتماعي

بواسطة azzaman

الإعلام الفاسد ومخاطر منصات التواصل الاجتماعي

أورنيلا سكر

 

عندما يتحول الإعلام إلى أداة فاسدة تسعى لتحقيق الأرباح المادية على حساب القيم الأخلاقية والإنسانية، فلا عجب أن نشهد انهيار المجتمعات وتفكك قيمها. الخطر الحقيقي اليوم لا يكمن في ثقافة الحرية بحد ذاتها، بل في السلوكيات المنحرفة التي أصبحت تهديدًا ثقافيًا وجائحة نفسية تسعى لتدمير كل ما تمتلكه المجتمعات من قيم وسلطان أخلاقي.  المسألة لم تعد وجهة نظر، بل أضحت ضربة عميقة تستهدف القاصرين والراشدين على حد سواء. فهل نحتاج فقط إلى الوعي بهذه الكارثة، أم أن القضية أعمق وتتعلق بالاضطرابات النفسية التي تغذيها هذه المنصات؟ منصات تُغرق المراهقين بمحتوى سام، يجذبهم عبر استغلال نقاط ضعفهم النفسية، ويسعى لإشباع احتياجاتهم المفقودة للعاطفة والاهتمام داخل الأسرة.  في دراسة أجراها معهد أسترالي حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المراهقين، كشفت الباحثة الأسترالية كاثرين كروست أن أغلب المراهقين الذين يقعون ضحية تحديات خطيرة على هذه المنصات يعانون من الإهمال، التنمر، وسوء التواصل مع أهاليهم. هذه التحديات تصل في بعض الحالات إلى الابتزاز أو حتى دفعهم نحو الانتحار، نتيجة افتقارهم إلى الرقابة الأسرية والتقنية الفعّالة.  توضح الباحثة أن المراهقين المنجذبين إلى المحتوى الخطير هم غالبًا من الفئات التي تعاني مشكلات أسرية عميقة. وتضيف أن أصحاب هذه المحتويات الضارة يتميزون بقدرتهم على استدراج الأطفال والمراهقين عبر طرح أسئلة عن حياتهم الشخصية وعلاقاتهم بأسرهم، مما يجعلهم يثقون بهم ظنًا منهم أنهم سيجدون من يستمع إليهم ويحقق لهم شعور القبول.  تؤكد الباحثة على أهمية دور الأهالي في مراقبة سلوكيات أبنائهم والتواصل معهم بأسلوب حواري عميق يقوم على بناء الثقة وتعزيز المشاعر الإيجابية. فمعظم الأطفال يخشون الإفصاح عن أحلامهم ومخاوفهم بسبب أساليب التربية التي تعتمد على العنف المعنوي أو الجسدي، مما يدفعهم إلى البحث عن بدائل خطيرة على الإنترنت.  إن إهمال هذه القضية لا يؤدي فقط إلى مخاطر فردية، بل يعرض المجتمعات بأكملها لتهديدات كبرى، تبدأ بالتفكك الأسري ولا تنتهي عند جرائم الابتزاز أو الاتجار بالبشر.  في الختام، هذه القضية تتطلب نقاشًا إعلاميًا ونفسيًا معمقًا لتحليل جذورها ومعالجة الأسباب التي تدفع المراهقين إلى الانجراف نحو وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الشكل الخطير، الذي يهدد أمن المجتمع وقيمه، وفي مقدمتها الأسرة والطفل.

 

 

 

 

 

 


مشاهدات 96
الكاتب أورنيلا سكر
أضيف 2025/01/28 - 12:00 AM
آخر تحديث 2025/01/29 - 1:21 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 495 الشهر 14440 الكلي 10294405
الوقت الآن
الأربعاء 2025/1/29 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير