الصفقة الخضراء Green Deal والطاقة المتجددة

احمد مصطفى العلنجاوي الطائي

 

في البدء لابد لنا من معرفة ما هي الصفقة الخضراء وما الغاية منها وما هي اهم مبادئها فالصفقة الخضراء: هي مجموعة من المبادرات السياسية التي اطلقتها المفوضية الاوروبية عام 2020  لتحقيق هدف شامل يتمثل في جعل الاتحاد الاوروبي محايد مناخياً بحلول عام 2050  من خلال خطة خفض انبعاث الغازات الدفيئة لعام 2030 إلى ما لا يقل عن 50%، ونحو 55% مقارنة بمستويات عام 1990 تتمثل هذه الخطة في مراجعة كل قانون قائم بناءً على انعكاساته المناخية، وإدخال تشريعات جديدة تخص الاقتصاد الدائري، وتجديد المباني والزراعة والابتكار والتنوع البيولوجي، وشبه القائمون على الصفقة الأوروبية الخضراء بانها ستشابه "لحظة وصول الإنسان للقمر".

اذ تركز هذه الاستراتيجية للتغير المناخي جعل أوروبا مصدر محايد  لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بحلول عام 2050، وإظهار أن الاقتصادات ستنمو دون زيادة استخدام الموارد تتضمن الصفقة الأوروبية ايضاً تدابير لضمان عدم تخلف الدول التي تعتمد على الوقود الأحفوري عن الحاق بركب الانتقال الى الطاقة المتجددة.

اما ابرز الأهداف المنشودة من تلك الصفقة يتلخص بالاتي:

تحول الاتحاد الاوروبي إلى أول «كتلة محايدة مناخياً» بحلول عام 2050.

 تتضمن الصفقة اهداف  عديدة في قطاعات مختلفة، تتضمن البناء والطاقة والغ والطاقة والغذاء والنقل والتنوع البيولوجي.

آلية تسوية حدود الكربون التي هي عبارة تعريفات رسومية للكربون في البلدان التي لا تحد من التلوث الناجم عن الغازات الدفيئة بنفس المعدل وتشمل أيضًا ما يلي:

خطة عمل اقتصادية دائرية، من خلال اصدار عددًا من المنشورات حول الاقتصاد الدائري، متضمنة منشوراً يقتضي من الدول الأعضاء الاضطلاع بأنشطة تتعلق بتغيير اقتصاداتها إلى اقتصادات دائرية أصبح الاقتصادي الدائري بالفعل مكوناً رئيسياً في «الصفقة الأوروبية الخضراء»

 استعراض جميع الوثائق السياسية ذات الصلة بالمناخ، بما فيها نظام الحد من الانبعاثات المرتبط بالتجارة، وإمكانية تنقيحها في حال اقتضت الحاجة.

مكافأة المزارعين على إدارة وتخزين الكربون في التربة وتحسين إدارة المغذيات وتقليل الانبعاثات وغيرها، إلى جانب تحويل التركيز من الامتثال إلى الأداء وهو ما يدعى باستراتيجية «من المزرعة إلى المائدة».

دراسة الاعفاءات الضريبية واعانات الوقود الاحفوري ومراجعة التوجيه الضريبي للطاقة.

استراتيجية للتعامل مع الغابات تخص الاتحاد الأوروبي. الهدف الرئيسي منها الحفاظ على الغابات في أوروبا وإصلاحها التشجير الفعال.

استراتيجية تنقل مستدامة وذكية.

تعتمد الصفقة أيضًا على مبادرة هورايزن يوروب (أفق أوروبا) للاضطلاع بدور محوري في الاستفادة من الاستثمارات الوطنية العامة والخاصة من خلال الشراكات مع الصناعة والدول الأعضاء، ستدعم المبادرة البحث والابتكار في مجال تكنولوجيات النقل، بما يتضمن البطاريات والهيدروجين النظيف وصنع الفولاذ منخفض الكربون والاقتصادات البيولوجية والبيئة المبنية.

يخطط الاتحاد الأوروبي لتمويل السياسات المنصوص عليها في الصفقة الخضراء من خلال خطة استثمار الصندوق الأوروبي للاستثمارات الاستراتيجية، والتي تتوقع ما لا يقل عن تريليون يورو من الاستثمارات علاوة على ذلك، من أجل تحقيق الاتحاد الاوروبي أهدافه المحددة في الصفقة، تقدر حاجته إلى نحو 260 مليار يورو سنويًا في شكل استثمارات بحلول 2030.

وتشمل المبادئ الرئيسية من أجل الالتزام بالهدف المناخي للاتحاد الأوروبي لعام 2030 ما يلي:

تطوير قطاع الطاقة بالاعتماد على الموارد المتجددة، وإعطاء الأولوية لكفاءة الطاقة.

تأمين إمدادات الاتحاد الأوروبي من الطاقة بأسعار معقولة.

ترابط وتكامل سوق الطاقة في الاتحاد الأوروبي.

وتشتمل السياسات التي يتعين على التكتل تنفيذها خلال المدة من عام 2024 إلى عام 2029 على ما يلي:

تطبيق التشريعات الوطنية بشأن تطوير البنية التحتية بما في ذلك خطة عمل الشبكة.

إتاحة بيانات أفضل من خلال تنفيذ قوانين المراقبة الجديدة للغابات والتربة.

تحديث السياسات الوطنية لدعم مصادر الطاقة المتجددة وتكاملها بشكل أفضل والاستمرار في إزالة العراقيل   لا سيما بشأن التصاريح الضرورية لتنفيذ المشروعات ذات الصلة.

تطبيق قانون الصناعة حيادية الكربون.

تعزيز المساعدات التنموية الرسمية الوطنية المخصصة للعمل المناخي.

ومن خلال هذه الخطة تمكن الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الماضية من الصمود في وجه المخاطر الحرجة التي تهدد أمن إمدادات الطاقة، واستعادة السيطرة على سوق الطاقة وأسعارها، وتسريع الانتقال نحو الحياد المناخي:

اذ حقق توليد الطاقة المتجددة أرقاماً قياسية جديدة في القدرة الإنتاجية فكان نصف توليد الكهرباء في الاتحاد الأوروبي في النصف الأول من عام 2024، من مصادر متجددة.

انخفضت حصة الغاز الروسي في واردات الاتحاد الأوروبي من 45% في عام 2021 إلى 18% بحلول يونيو 2024 وانخفض الطلب على الغاز بين أغسطس 2022 ومايو 2024 بمقدار 138 مليار متر مكعب، مما ادى الى انخفاض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الاتحاد الأوروبي بنسبة 32.5% في الفترة من 1990 إلى 2022 وأصبحت أسعار الطاقة أكثر استقراراً وأقل بكثير من مستويات الذروة لأزمة الطاقة في عام 2022.

وبذلك حقق  الاتحاد الاوروبي تقدماً كبيراً في الطاقة المتجددة وتفوقت طاقة الرياح على الغاز لتصبح ثاني أكبر مصدر للكهرباء في الاتحاد الأوروبي بعد الطاقة النووية، ولا زال هناك حاجة إلى مزيد من التحسين، سيما في مجال كهربة معدات التدفئة على نطاق واسع ومعدل تجديد المباني وكذلك الحاجة الى تعزيز الجهود لمعالجة ارتفاع أسعار الطاقة ويعد هذا أمراً أساسياً لتحسين القدرة التنافسية للصناعة في الاتحاد الأوروبي، وتسريع الاستثمارات في شبكات البنية التحتية المتكاملة في أوروبا.

وفي ختام مقالنا هذا هل يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب الاخرى وبلورتها للوصول الى انتاج الطاقة الكهربائية المستدامة من مصادر الطاقة المتجددة واللحاق بركب الدول المتقدمة في مجال الاستثمار واستغلال الطاقة النظيفة التي تساهم في سد الحاجة للطاقة الكهربائية وكذلك التقليل من الانبعاثات التي تسبب التلوث البيئي.