وحدة الفكر العربي  (3)

عبد الكريم احمد الزيدي

والعرب تجتمع على ما لا تجتمع اليه بقية الشعوب والأمم ، فأرضهم واحدة بما امتدت واتسعت ولغتهم واحدة يجتمعون إليها برغم اختلاف لهجات السنتهم التي اعجمت بعض مفرداتها لاحتكاكها بالسن ما يجاورهم من أناس وشعوب ويكاد العرب يجتمعون على دين سماوي واحد يوحدون به خالقهم ويؤمنون برسالة نبي لهم هو الخاتم للرسل والأنبياء ويحتفون بأعياد تجمعهم بعد كل فريضة عبادة لهم ، ليس هذا وحده فحسب ولكنهم يجتمعون في تاريخ واحد يشتركون فيه بحوادث مشتركة وعدو له نفس الأهداف والثوابت برغم اختلاف صورته وطبيعة عدائه ...

فالقواسم المشتركة التي تجمع العرب تصب في حوض واحد يميزهم بالقوة والشراكة والمصير على اختلاف المنابع والمشارب ، وهو ما يزيد في تنوع ومخاوف العدو الذي يختار في التأثير والفاعلية والنفوذ مناحٍ وطرق ومنافذ ترتقي إلى صلابة وقوة هذا التحدي ، وهذا يأخذنا بلا شك إلى ادراك واستدلال حقيقة أن ما يضيف لأهمية وجود العرب حضورهم المؤثر والفاعل ودورهم الحاضر الغائب في تقرير مصائر ووجود الكيانات والأمم التي تجاورهم وأهمية أثبات حضورهم في ظل ما يمكن أن يكيد ويتآمر عليهم لأضعاف شوكتهم والتشكيك في قدراتهم وامكانياتهم في الخلق والإبداع والسيطرة وفرض ارادتهم في التغيير والتعبير ورسم ابعاد حضورهم ..

ومع كل هذه التحديات يظل العرب بما يحملون من سمو المعاني وكمال العقل وإرادة التغيير منارأً يحتذى به في الأصل والتأريخ والرسالة وشاهدا على مدار القرون والأحداث منطوقاً لدلالات الفخر والتباهي في الحرية والعدالة والمثل العليا التي يتبارى بها بين الأمم ، وليس بعيداً لكل من أراد أن يفهم ويستدل هذا المعنى ويقف على حقيقته أن يراجع تأريخ العرب وتلك العصور التي ازدهرت فيهم علوم اللغة والطب ومدارك الفنون والثقافة والعلوم والعمارة والبناء ..

والعرب ايضاً يملكون كل مقومات الهوية والوطنية ومفاخر الشيّم والكبر وصناعة الفكر والتعبير وإرادة النهضة والتطوير لا ليكونوا هم الأفضل وحسب ولكن لتكن آثارهم شاخصة في الروح والمكان ونوراً يحتذى به ومساراً لدروب المجد والتمكين.