لما أصبحت ظاهرة إعدام أمري الأولية وقادة الفرق للوحدات الخاسرة في المعارك متلازمة دورية تم استبدال بعض حالات الإعدام الميداني بشكل آخر من الإعدام وهو الإعدام المعنوي، فبعد سلسلة التحقيقات المهينة مع القائد ومن قبل لجان لاتفقه شيء بالعسكرية، وغالبيتهم من الرفاق المدنيين الذين حشروا بالجيش حشرا وتم اعطائهم رتب عسكرية عالية، وفرض وجودهم على كل القيادات بصفة التنظيم الحزبي العسكري لحزب البعث، فترى قائد فرقة يجلس مستمعا مطيعا لمسؤوله الحزبي في الاجتماعات الدورية لا بل ويهز قائد الفرقة رأسه بالإيجاب والموافقة على توجيهات مسؤوله الحزبي، حيث يتمتع المسؤول بدرجة عضو شعبة عسكري في حين قائد الفرقة نصير متقدم فقط، ونتيجة طول الحرب واتساعها تم تحويل كثير من قطعات الشرطة المحلية والجنائية وشرطة الكمارك إلى وحدات جيش مشاة مقاتل، وذلك بأدخالهم دورات تعبئة وتدريب لثلاثة أشهر وأحيانا 40 يوماً، ويتم زج أمراء وحدات من خريجي الكليات العسكرية الرصينة لتعويض ضعف تلك الوحدات المشكلة حديثا، ولكن زج تلك الوحدات في معارك صعبة ذلك هو الخطأ الفادح، حيث أعطيت مسؤولية أحد ألوية الشرطة سابقا إلى ضابط كفوء وتم زجهم في جبهة كيلان غرب، لاننسى أن العدو لديه استخبارات ومؤشرات يعرف من خلالها القوة العسكرية التي تقف أمامه، وحدث هجوم في جبهة كيلان غرب وتقهقر أحد الأفواج القريبة من لواء الشرطة وانكشفت أحد اجنحته وتسلل العدو وحصل على مواقع جديدة وفي أثناء المعركة أصيب الامر الكفوء بشظايا في رأسه ونقل للمستشفى فاقدا الوعي، وهناك ظاهرة سيئة عانى منها الجنود فبمجرد جرح أو مقتل الآمر الأعلى حتى ينسحب الجنود انسحاباً عشوائياً غير منظم، بعد عدة عمليات جراحية أجريت لامر اللواء المصاب فتح عينيه ليجد يده مربوطة إلى جامعة حديدية ومعلقة في السرير، بعد دقائق جاءه الطبيب العسكري ليقول له الحمد لله عالسلامة كنت فاقدا للوعي طيلة الأيام السابقة، حرك الضابط يده المربوطة وأشار للطبيب بعبارة ماهذا، أجاب الطبيب إجراء عسكري وغادر بسرعة، هاج امر اللواء وماج وأخذ يعربد ويسب ويلعن،عالجه الممرض العسكري بحقنة مورفين سريعة، بعد ساعتين استيقظ امر اللواء هادئا صاح على الممرض مستفسرا عن الموضوع؟ أجاب الممرض مرتبكا؛ سيدي تم اعتبارك متخاذلا وصدر أمر من القيادة العامة بأحتجازك لحين اكتمال التحقيقات، بعد يومين طلب أوراق وكتب رسالة إلى القائد العام للقوات المسلحة شرح فيها كل شيء من تشكيل لواء الشرطة وتحويله إلى لواء مشاة مقاتل إلى ظروف المعركة بكل حيثياتها إلى إصابته بالرأس وفقدانه الوعي ونقله للمستشفى، وللأمانة كان الرجل متمكن في قوة الحجة كما أنه ينحدر من أصول بدوية ومعروف من قبل أقرانه بالشجاعة والبأس وهناك من أبناء دورته العسكرية قادة فرق ومن الحلقة القريبة من رأس النظام، سهلوا له وصول رسالته إلى القائد العام مع التوصية والإشادة به، بعد أقل من شهر صدر مرسوم جمهوري بأعفاء آمر اللواء من عقوبة الإعدام رميا بالرصاص وتنزيله رتبة عسكرية واحدة، ونقله إلى منصب أمر فوج في الوحدات الفعالة، إن اقسى ما يتعرض له القائد عندما يتم معاقبته بعقوبة تخفيض رتبته وتسليمه منصب أقل بكثير من منصبه السابق، وهكذا كانت تجري الأمور لكثرة حالات إعدام الأمراء تم استبدالها بعقوبة تخفيض الرتب وزجهم في معارك لاحقة سوف يقتلون بها، يعني اعدام أيضا ولكن برأس مرفوع وبلا عبارات متخاذل وجبان، تم تكليفه بقيادة فوجنا والحقيقة اتعبنا جدا وللحديث بقية إن شاء الله.