الدولة بمعناها الوطني

سناء وتوت

بلغ الشعب العراقي وعياً كافياً للتمييز بين الصواب والخطأ، أكسبه فراسة فرز الوطني عن المرائي «وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ» البقرة 204

شهد العراق.. مؤخراً.. قفزة نوعية في البناء والإتفاقات الستراتيجية.. عالمياً، بشأن مشاريع تضمن مستقبل الأجيال القادمة، مع هامش من مشاركتنا.. قبل أن نموت.. برؤية بغداد تزهو بنسق حياة حضارية راقية.

المتأمل بنضارة وجهي وحيويتي وقوة شخصيتي وتوهج وعيي ورسوخ ثقافتي ومنهجية رؤاي القيادية إجتماعياً، يقدرني في الخامسة والأربعين من العمر، لكن الحقيقة هي تسعة وستون عاماً، سأعيش ما كتب الله لي بعد نشر هذا المقال على صفحات الزمان الغراء، فالأعمار بيد الله، لكن لا أريد آخر صورة تنطبع على صفحة ذاكرتي، هي بغداد الخربة! أطال الله في أعماركم.

حلمنا بالتغيير فصحونا على إحباط؛ حيث طال الحلم بالتغيير عقوداً من معتقلات وحروب هوجاء وحصار، صحونا منها يوم الأربعاء 9 نيسان 2003 فوجدنا أنفسنا نغتسل تحت شلال يصب صخوراً ذائبة على رؤوسنا.. إحتلال وإرهاب وتكفير وسلفية وطائفية وفساد!

ماذا عدا مما بدا!؟

تلك حتمية بديهية.. كل بلد يتحول من نظام الى آخر، يقفز على التجربة نهازو الفرص، يدمرونها متنكرين للقيم التي نودي بها كمبرر للتغيير، الذي ما أن يحصل حتى يتنصلون من نداء أوصلهم للسلطة التي أصبحت كل همهم بإعتبارها منجماً للثراء الشخصي والنفوذ الفئوي.

إحلال الديمقراطية، بإسقاط المنظومة السابقة؛ تحت قوة سرفات الدبابات الأمريكية، يستلزم وقتاً ريثما تنضج الديمقراطية وتتبلور، كمن ينحت تمثالاً من موسيقى ترى بالعين المجردة وتلمس بالأصابع!

إذا إستغرقت الديكتاتورية خمسة وثلاثين عاماً من تجويع وعسكرة الشعب العراقي، فالإرهاب والفساد واللا دولة، أخذت واحداً وعشرين عاماً حتى الآن، و... الأمل معقود على بشائر فجر لاحت من تعاقدات دولية مع العراق، ترتقي بالراهن الى حضارة مستقبلية مأمولة.. تأتي متأخرة خير من ألا تأتي.

فلنؤازر النوايا الحسنة ريثما تستقر الهمم، وتستحيل فعلاً ناجزاً لمسنا طرفه من الحكومة، وعلى الشعب أن يثبت الطرف المطلوب منه ليتكامل معنى الدول: الأرض والشعب والحكومة.

سناء وتوت