فاتح عبد السلام
بالرغم من السواد الكثيف لدخان القتال وانسداد الأفق بالتشاؤم، لا أزال مع الرأي الذي يستبعد نشوب حرب إقليمية واسعة كنتيجة للحرب المستمرة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ذلك انّ الحرب الإقليمية هي قرار إقليمي أولاً واخراً، وهذا القرار لا يدعمه أحد من أطراف الصراع الرسميين او الثانويين مثل إسرائيل وإيران، ولا ترحب به سوى حركة حماس لأنّها لا تملك شيئا تخشى ان تخسره بعد الذي جرى في القطاع المنكوب والمدمر.
كما ان مصطلح الحرب الإقليمية يخضع للإثارة الإعلامية والسياسية كلما سخنت جبهة جنوب لبنان في توصيف دقيق يفيد بأن الحرب الواسعة هو اندلاعها هناك تحديدا، وليس عبر جبهة سوريا، او عبر الاجواء من ايران.
العوامل الجغرافية والتكنولوجية والموقف الدولي الأمريكي خاصة، كلها أسباب تقف في مقدمة الرأي الذاهب الى مراوحة الحرب في هذا النطاق المشتعل حاليا صعوداً وخفوتاً، من دون ان تكون هناك حرب كاسحة.
لكن هناك مَن يرجح انّ إسرائيل لن تنظر بعين واحدة لأمنها، فهي أوقفت الخطر المحدق بها من جهة قطاع غزة ودفعت ثمنا غاليا امام مقاومة فلسطينية شرسة ، في حين تنتظر يوما غير معلوم يخضع لتوقيتات « إيرانية» استراتيجية لينفتح عليها باب النار من جنوب لبنان، ثمة خلل في هذه المعادلة لا يخفى على أي مراقب قريب من الحدث وخلفياته، لذلك فإنّ اسرائيل ماضية لتقليم قدرات حزب الله عبر ما وصفه رئيس أركانها باستهداف «الهرمية القيادية «، وذلك بعد ثلاثة أيام من استهداف لشريحة واسعة من الكوادر الوسطية التنظيمية والمسلحة في صفوف حزب الله بلبنان.
غير انّ جميع تلك التداعيات مرتبطة بمصير مفاوضات الهدنة المتعثرة عبر المحطات الوسيطة في قطر ومصر، وانّ عدم اعلان الهدنة وانسحاب إسرائيل من القطاع يعني ان موجات من التسخين الدموي ستهب على جنوب لبنان، وقد تنتقل بعض الموجات الى بيروت.
اذن ما هو المتوقع؟ الجواب يمكن اشتقاقه من سياق التصريحات الجارية، وهو مزيد من استهداف الهرمية القيادية.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية