فاتح عبد السلام
تكونت في العراق في العقدين الأخيرين طبقة من السياسيين المصطنعين في قدور المحاصصة الطائفية التي قامت عليها العملية السياسية ، تلك الطبقة تزداد اتساعا مع كل دورة نيابية أو وزارية جديدة، وبالرغم من الأعباء المالية التي تثقل موازنة الدولة عبر المستحقات التقاعدية والامتيازية الممنوحة للمتقاعدين او المنتهية فترتهم بالمنصب الا انّ الأثر الأكثر سوءا في الأداء السيء وترحيل المشاكل والعيش في كنف المشكلة بوصفه حلا ، لم يجد وحدة قياس مناسبة لكي يتم تحديد الضرر الكلي الذي الحقته الجهات التنفيذية المتعاقبة بالمال العام والوقت الوظيفي العام وحصة هذا الجيل المنتهك في حقوقه من المستقبل الذي ينتظره.
وفي ظل ضعف رقابة المجلس النيابي وتركيز حملاته الرقابية تحت دوافع الضغوط السياسية المناسباتية وجولات حصاد المكاسب والولاءات، لم يعد البلد يتوافر على” وحدة قياس” حقيقية لتقويم الأداء الوزاري والتنفيذي للأجهزة الحكومية، غير وحدة القياس الشعبية كانت الأكثر اثرا ودقة ومتابعة و فاعلية، غير ان الغالب على وحدة القياس الشعبية هي المفاضلة بين السيء والأسوأ ، ولم تبرز على صعيد حياة ملايين العراقيين علامات فارقة ليشار لها بالبنان في اعلاء شأن مسؤول تنفيذي كبير على أساس كونه متميزا في مجال خدماته خارج التصنيفات الحزبية والمناطقية والطائفية، لذلك بقيت المفاضلة بين السيء والأسوأ.
لكن القراءة التاريخية الفاحصة وذات المسؤولية القانونية لم تتوافر عوامل وجودها وسريانها حتى اليوم من دون ان يعني هذا ان هناك افلاتا من الحاسب حين يتم رصد المسؤولية بدقة في تحديد مستوى التردي والخراب والهمال والتقصير الذي ارتكبه مسؤولون تنفيذيون راح ضحية لهم أرواح واموال ومستقبل مواطنين.
في السنوات الاخيرة أسهمت الطبقة الثخينة من النوعيات السياسية المستحدثة والغارقة في كارتلات الفساد والهيمنة والتبعية في التغطية والتدليس ، لكن ذلك ليس امراً ابدياً لا تغيير فيه، وتلك الحقيقة ستكون جوهر معنى التغيير الذي نسمع به ولا نراه.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية