معاً لنقرأ.. كتاب الصدر يثير التأملات

محسن حسن الموسوي

لك أنْ تتخيّل لوْ غابالعلماءُ المصلحون عن المجتمعات! ماذا سيكون حال المجتمع ؟ وكيف يكون العيش والتعامل بين الأفراد والجماعات ؟!

والحمد لله ، فهذا ما كان ولن يكون في أي مجتمع ، وفي أي حقبة زمنية ، إنّ اللهٓ رؤوفٌ بالعباد.

فالعلماء المصلحون هم صمام الأمان لحفظ التوازن في المجتمع ، وهم الأنوار التي تنير الدروب ، وهم العلامات التي يهتدي بها السائرون.إن العلماء المصلحين نذروا أنفسهم في سبيل الله ، وكما يقول السيد الشهيد محمد باقر الصدر ، قدس سره ، ( سبيل الله هو سبيل الناس ) .

ولذلك كانوا آباءً ومعلِمِين وهداةً للناس ، بسيرتهم ، وكلماتهم ، ومزاياهم الأخلاقية ، وهذه هي رسالتهم في الحياة ، ونعمتْ تلك الرسالة التي هي رسالة الله سبحانه لعباده المؤمنين.

طريق مستقيم

وسيدنا الحجة السيد حسين السيد محمد هادي الصدر ، حفظه الله ، من أعلام هذا الطريق المستقيم ، سيرةً ومسيرةً في سبيل الله ، وهو سبيل الناس ، عطاءً فكرياً ، وسيرة عطرةً ، فبالإضافة إلى مجلسه الشهري الباذخ العطاء ، والمليء بذكر الله سبحانه ، وذكر جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلّم وأهل البيت عليهم السلام ، فالمجلس هو حزمةُ ضوء على طريق الهدى ، وبالإضافة إلى ذلك ، لديه هذا المشروع الفكري الشامخ ( موسوعة العراق الجديد)  هذا هو الجزء الحادي والتسعون منه ، وفيه من العطاء الأدبي والزاد المعرفي ما يحتاجه القارىء في مسيرة حياته.

وكتابات سيدنا الحجة الصدر ، حفظه الله ، زاد ثقافي إسلامي وادبي وتاريخي وتوعوي متنوع ، يأخذك إلى شواطىء المعارف بكل أريحية وعفوية وحين تنتهي من القراءة تكون قد عُدتٓ من سفرة مربحةٍ وزادٍ وفير من الثقافة والوعي والرصيد الأدبي الممتاز.

والأسلوب الذي يتحدث به سيدنا الحجة الصدر ، حفظه الله ، يكاد يختص به وحده ، متانة في رقّةٍ ، وبساطة في وعيٍ ، والتزام بغير تزمّت ، وكلمات بلا تقعّر ، ومن يُدمن على قراءة منشوراته يمكنه أن يعرف ذلك بكل يُسر ، كما يعرف الذي يقرأ شعر المتنبي مثلاً ، فلا يشكّ في قصيدة دخيلة في ديوانه أنها ليست له.في هذا الجزء من الموسوعة ضمّ ( ٤٧) مقالة متنوعة ، ونحن نلتقط منها بعض الإشارات .وسيدنا الحجة الصدر ، حفظه الله ، يؤكد دائماً على الإهتمام بالقرآن الكريم ، وتلاوة آياته البينات والتدبّر الواعي والتأمل فيها كل يوم  :

( والمهم: أن نجعل لتلاوة القرآن حصةً في جدول أعمالنا اليومي ليجلو بها صدأ القلوب ، ونزداد بها هدىً ومعرفة واقتراباً من مسارب النور والاستقامة) .

وللكلمة الطيبة أثرها في النفوس ، وفي استقامة العلاقات بين الناس ، وينقل لنا سيدنا الحجة الصدر ، حفظه الله ، هذا المعنى عن جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلّم :

( جاء في التاريخ:

إنّ فريقاً من الفقراء المسلمين دخلوا على الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم فقالوا : يا رسول الله: ذهب الأغنياء بالأجر كله ، فٓهُم يصلون ونصلّي ، ويصومون ونصوم ، ويتصدقون ولا نجد ما نتصدق به ، فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم :

الكلمة الطيّبة صدقة)

ثم يعقّب على ذلك سيدنا الصدر ، حفظه الله :

( إن المجتمع الإسلامي يصحّ أن نسميٓه بمجتمع التواصي بالحق والتواصي بالصبر.

ومعنى ذلك : إنّ كلّ واحد منّا وبكلمة صادقة يُوصي أخاه بالحق ويقبل الوصية من أخيه بالحق ، ويُوصي أخاه بالصبر ويقبل الوصية من أخيه بالصبر) .

ويأخذنا سيدنا الصدر ، حفظه الله ، إلى عوالم أمير المؤمنين علي عليه السلام ، ويُتحفنا بكلمة من كلماته النورانية ، حيث يقول عليه السلام:

( إذا وجدتٓ مِنْ أهل الفاقة مٓنْ يحمل لك زادك إلى يوم القيامة فيوافيك به غداً حيث تحتاج إليه فاغتنمه وحمّله إيّاه) .

ويعقّب سيدنا الصدر ، حفظه الله ، بقوله:

( اعتاد الكثيرون أن يقولوا للسائل إذا جاءهم مستنجداً بهم: ( الله يعطيك)

ولا يجودون عليه بشيء مما أعطاهم الله ! مع أن عطاءهم للفقير هو الزاد النافع لهم يوم المعاد وسيجدونه مذخوراً لهم يوم الحساب).

وفي هذه الموسوعة ( موسوعة العراق الجديد) الباذخة العطاء والجمال ، لا يكاد جزء منها يخلو من ذكر سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام ،

حديث نبوي

فسيدنا الصدر ، حفظه الله ، يقول:

( لاتُقاس مصيبتُنا بالامام الحسين عليه السلام بسائر المصائب الأخرى لأنها الجرح الدامي الذي لايندمل ، وقد جاء في الحديث النبوي الشريف :  إنّ لقتل الحسين في قلوب المؤمنين حرارةً لاتبرد أبداً ) .

وفي هذا الجزء الكثير من المقالات الثرية والمعطاء عن الإمام الحسن الزكي ، والإمام الباقر ، والإمام جعفر الصادق ، والإمام موسى الكاظم ، والإمام علي الرضا ، عليهم السلام جميعاً .

إضافة إلى المقالات السياسية والإجتماعية والأدبية  ، ومقالات توعوية مهمة عن الواقع العراقي الراهن ، نترك ذلك كله للقارىء كي يستمتع بما يقرأ ، ويُفاجأ بما يرى.

حفظ الله سيدنا الحجة الصدر ، وبارك الله فيه وله وعليه .

الكتاب : إثاراتٌ وتأمّلاتٌ

تأليف  : سماحة العلاّمة السيد حسين السيد محمد هادي الصدر ، حفظه الله

الناشر : دار المحجة البيضاء / بيروت

الطبعة: الأولى 1445هج - 2023م

عدد الصفحات: 216 صفحة