إنتخابات بلا ناخبين
جواد العطار
جرت انتخابات مجالس المحافظات في العراق يوم الثامن عشر من الشهر الجاري بسلاسة ونجاح دون تسجيل اي خروقات حمراء بعد غياب لأكثر من عشر سنوات ومشاركة كركوك بعد غياب منذ ٢٠٠٥ ، مما يسجل نجاحا لمفوضية الانتخابات رغم بعض العراقيل الفنية. ونجاحا للحكومة في توفير متطلباتها.
الا ان الملاحظة الأهم هو انخفاض نسب المشاركة وتذبذبها بين المحافظات ، ورغم اعلان المفوضية بان نسبة المشاركة بلغت اكثر من ٤١ بالمئة حسب تقديرات أولية الا ان الرقم الذي اعلنته للمقترعين صادم بدرجة كبيرة والذي فاق الستة ملايين ونصف مشارك من المسجلين بايومتريا من مجموع اكثر من ٢٧ مليون عراقي يحق لهم التصويت... فلماذا هذه النسبة المتدنية؟ ولماذا لم يلتحق الناخبون بصناديق الاقتراع رغم أنها املهم الوحيد في التغيير نحو واقع افضل؟.
ان تدني نسب المشاركة في الاقتراع العام حالة رافقت العملية الانتخابية بعد عام ٢٠١٤ ، بما يدل على عدم رضا الناخبين عن الأداء السياسي اولا؛ وانفصال الطبقة السياسية عن هموم وتطلعات الجمهور ثانيا؛. فما هي الأسباب الاخرى وراء تدني المشاركة في الانتخابات؟:
١. غياب البديل السياسي: فالاحزاب والشخصيات السياسية ذاتها هي من رشحت او من اقاربها فلا جديد يجذب الناخب ويدفعه للذهاب للاقتراع خصوصا اذا كانت النتائج معروفة سلفا.
٢. غياب البرنامج الانتخابي الواقعي لدى معظم القوى والشخصيات المشاركة ، فاغلب البرامج التي طرحت عبارة عن شعارات غير قابلة للتطبيق او استعراضات انتخابية لم تلامس هموم المواطن وتطلعاته.
٣. فقدان الأمل بالتغيير بعد ان استحوذت قوى وشخصيات معروفة على المشهد السياسي لفترات طويلة ، مما زاد من حالة الاحباط لدى الناخب واليأس من قدرته على تغيير الواقع عبر صناديق الاقتراع.
٤. صورة الفساد التي التصقت بعمل اغلب مجالس المحافظات السابقة؛ عمقت من جراح الناخب وابعدته عن المشاركة.
٥. المقاطعة والتي توسعت بالانتخابات الاخيرة.
هذه اسباب موضوعية تحتاج إلى إصلاح مستقبلا ، فالبديل السياسي الناجح لا بد له ان يظهر عاجلا ام اجلا... والمشروع الانتخابي القابل للتطبيق هو الحل ، والأمل موجود في العملية الديمقراطية ولا ينقطع... والمقاطعون لا بد من نقاشهم والحوار معهم للوصول إلى أقرب الحلول الوطنية التي تجمع الكل تحت مظلة المجتمع الديمقراطي بما يبعث الأمل بالتغيير مستقبلا نحو واقع افضل للعراق والعراقيين.