الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
صديقي حدثني

بواسطة azzaman

صديقي حدثني

عبد المحسن عباس الوائلي

 

يا أخي سنبقى دائما كاذبين على أنفسنا وشعبنا فأين نحن من دين الله وأوامره بالصدق والمحبة والاخلاص وهو القائل عزّ من قال «سيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين» أين نحن ولمن ننتمي وأسمع ما قاله صديقي بكل براعة، وهو العائد لتوه من اوروبا والحسرة تنفذ من بين اصابعه، أريد ان احكى لك حكاية صغيرة عما جرى معي لترى على أي وهم كبير نحن نعيش..

كما تعلم فقد غادرت بلدي قاصدا المانيا الغربية ومعي بطاقة صغيرة تحمل عنوان طبيب مختص في جراحة العين ارشدني اليه احد أطباء بلدنا.. كان قلبي مفعما بالأمل بأن متاعب عيني المصابة سوف تنتهي عند لمسة سحرية من يد البروفيسور «ماير» الاستاذ المحاضر والطبيب اللامع في العاصمة الالمانية..

وعند الكشف الطبي الأول لعيني من قبل البروفيسور «ماير» قال لي يبدو انك اخطأت الاختيار فإصابة عينيك، لا تدخل ضمن مجال اختصاصي انما سأرشدك لطبيب أخر يستطيع افادة «شبكية» عينك بشكل أدق وأفضل..

عند هذا انتهت حكاية صديقي لتبدأ معها الاف التساؤلات التي تدفعني في تيار واحد وهو المقارنة بين ما يجري في أوروبا وما يدور عندنا على الصعيد الطبي..

المسألة اذن مسألة اختصاص لا أقل ولا أكثر «شبكية العين» أصبح لها طبيب «مختص» اذن، ان جولة واحدة في احد الشوارع من أي مدينة عربية وقراءة لبعض اللوحات الاعلانية التي يرفعها بعض الأطباء تكفي لكي يصاب الانسان بصدمة نفسية وعصبية لا تشفيه منها جميع مضادات الالتهاب التي يصفها اطباؤنا لمرضاهم بمناسبة او بدونها جميع الامراض التي خلقها الله تستطيع قراءتها من خلال ثلاث لوحات اعلانية.. 1- اخصائي في الامراض الداخلية والنسائية والاطفال 2- اخصائي في امراض الرأس، عين، انف، اذن، حنجرة 3- اخصائي في جهاز الهضم والكبد والطرق الصفراوية والغدد والسكر والتحري عن السرطان.. الخ.

ماذا يستطيع خريج دورات محو الأمية او حامل أعلى الشهادات العلمية استشفافه؟ هل هو تقدم علمي هائل في مجال الطب أم تقدم هائل في فن التضليل!.

لوحات اعلانات

هل تدل هذه الاعلانات على عبقرية فذة لبعض الأطباء أم تجن كبير على الطب وعلى اللغة العربية على حد سواء..! أن كل ما يعتمده بعض هؤلاء للرد دفاعا عن لوحات اعلاناتهم من جهل متفش بين قسم كبير من المرضى او من قلة في عدد الاطباء او اعتدادهم بشهادات علمية حصلوا عليها بعد زيارة استجمام لبلد معين.. كل هذه الحجج لا تعفيهم من مسؤوليتهم الكبرى تجاه مرضاهم، مسؤولية القول الحق وفي كل الظروف، مسؤولية الاعتذار عما لا يعرفون وتركه لمن يعرفون.

أن حمى الوصول معها اشتدت حدتها يجب أن لا تقضي على تلافيف دواع المهنة، ما نحتاجه في وطننا العربي ليس بناء للمشافى الضخمة ولا استيرادا للأجهزة العلمية المتطورة بقدر ما هو استفادة من العقلية الطبية الحديثة المختصة أمثال البروفيسور «ماير» ان ما نحتاجه ان يمتلك بعض اطبائنا جرأة الاعتذار عما لا يعرفون وارشاد مرضاهم لمن يعرفون..

ان كثيرا من المشاكل التي يعاني منها وطننا العربي ستتلاشى عندما تتبلور اهمية الاختصاص اكثر فأكثر، عندما يتوقف هؤلاء المختصون بكل شيء عن تشريح السياسة العالمية على طاولة «النرد» وعندما يمتنع تجار الثقافة عن سماع اخبار العالم من خلال بقبقات اراكيلهم.. وعندها أخيرا يتخلى من لم يحفظ السلم الموسيقي بعد عن مسألة تقييم موزارت او بيتهوفن.

هكذا تبدو اهمية الاختصاص اكثر من ملحة في وقتنا الحاضر فالعالم كله تخلى عن العمومية في زحفه المتحضر وراء الاختصاص، حاذفا للأبد من قاموسه كلمتي كلشي أعرف..

وأخيرا فأذا كان عصرنا الحاضر لم يعد يحتمل رؤية بعض الحلاقين يمارسون الطب فالأحرى لبعض الاطباء، ومختصر كل شيء الامتناع عن ممارسة الحلاقة..  هنا في بلدي أشياء غريبة لن يصدقها العقل لكنها موجودة والبعض يواجهها. ولكن ما العمل فامرنا الى الله تعالت قدرته فهو السميع البصير..

 


مشاهدات 407
الكاتب عبد المحسن عباس الوائلي
أضيف 2023/12/16 - 10:45 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 5:43 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 402 الشهر 11526 الكلي 9362063
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير