الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المتاجرة‭ ‬ودفتر‭ ‬الديون

بواسطة azzaman

المتاجرة‭ ‬ودفتر‭ ‬الديون

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

 

المتاجرة‭ ‬“العربية”‭ ‬و”الإسلامية”‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قديمة،‭ ‬اذ‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬نكبة‭ ‬1948‭ ‬هناك‭ ‬مَن‭ ‬باع‭ ‬واشترى‭ ‬وصعدَ‭ ‬ونزلَ‭ ‬وعارضَ‭ ‬وحكمَ‭ ‬باسم‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭. ‬وفي‭ ‬العراق‭ ‬لعبت‭ ‬قوى‭ ‬سياسية‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الوتر‭ ‬طوال‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬مرئية‭ ‬وماثلة‭ ‬الوجود‭ ‬امامنا‭ ‬اليوم،‭ ‬مرة‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬بالتناغم‭ ‬مع‭ ‬شعارات‭ ‬فيلق‭ ‬القدس‭ ‬الإيراني،‭ ‬ومرّة‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬تغطية‭ ‬دعائية‭ ‬تستر‭ ‬مشاريع‭ ‬سياسية‭ ‬وجهوية‭ ‬محلية‭ ‬منحرفة‭ ‬واستغلالية‭.‬

‭ ‬الظاهر‭ ‬ان‭ ‬شعارات‭ ‬المتاجرة‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كانت‭ ‬دائماً‭ ‬سهلة‭ ‬التناول‭ ‬بيد‭ ‬من‭ ‬هبّ‭ ‬ودبّ،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬انه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لن‭ ‬يبقى‭ ‬أي‭ ‬شعار”‭ ‬فلسطيني”‭ ‬الدلالة‭ ‬بين‭ ‬الشعارات‭ ‬السياسية‭ ‬المتداولة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬للاستهلاك‭ ‬المحلي‭.‬

أي‭ ‬شعار‭ ‬سياسي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تقابله‭ ‬إمكانات‭ ‬القدرة‭ ‬لنقله‭ ‬من‭ ‬النظرية‭ ‬الى‭ ‬التطبيق،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬طال‭ ‬الزمن‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬كانت‭ ‬جميع‭ ‬الشعارات‭ ‬السياسية‭ ‬متاحة‭ ‬للتغني‭ ‬والتباهي‭ ‬والاطلاق‭ ‬والمناكفة‭ ‬والاستغلال‭ ‬والتهييج‭ ‬والاستجداء،‭ ‬وكانت‭ ‬سهلة‭ ‬الكتابة‭ ‬والتوزيع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مسؤولية‭ ‬فعلية‭ ‬او‭ ‬اعتبارية

‭ ‬كأي‭ ‬شيء‭ ‬مستخدم‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬السائب‭ ‬في‭ ‬البلد،‭ ‬لذلك‭ ‬مرت‭ ‬“فلسطين”‭ ‬بكل‭ ‬قدسيتها‭ ‬وأحزانها‭ ‬وأثقالها‭ ‬وجروحها‭ ‬وعقودها‭ ‬الدامية‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الشعارات‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬المحلية‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬المستوردة‭ ‬من‭ ‬ايران،‭ ‬بما‭ ‬كرّس‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬ثقة‭ ‬العراقيين‭ ‬بأي‭ ‬جهة‭ ‬تتعامل‭ ‬بالشعارات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لأنها‭  ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬حنثت‭ ‬بالقسم‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬تخص‭ ‬القضية‭ ‬الوطنية‭ ‬العراقية،‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬أخرى،‭ ‬فكيف‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تبر‭ ‬بشعارات،‭ ‬ولا‭ ‬أقول‭ ‬قَسَما،‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وعذابات‭ ‬أطفاله‭ ‬ونسائه‭ ‬تحت‭ ‬القصف‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬الوحشي‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬المحاصر‭.‬

‭ ‬أوضاع‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسواها‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬سوف‭ ‬تعيد‭ ‬هيكلة‭ ‬شعاراتها‭ ‬وامكاناتها‭ ‬وسياساتها،‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬الأخيرة‭ ‬،‭ ‬فما‭ ‬قبل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الاستثنائية‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬مشابهاً‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬آت‭ ‬بعدها‭. ‬والنيران‭ ‬حين‭ ‬تشتعل‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬تقف‭ ‬امامها،‭ ‬والعرب‭ ‬المتحزّمون‭ ‬بشعارات‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أو‭ ‬الاخرون‭ ‬الذين‭ ‬حلّوا‭ ‬حديثاً‭ ‬الأحزمة‭ ‬بالتطبيع،‭ ‬لا‭ ‬يمتلكون‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬حينما‭ ‬تتحرك‭ ‬الاحداث‭  ‬بقرار‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الأرض‭ ‬والقضية‭ ‬هناك،‭ ‬حيث‭ ‬يصنعون‭ ‬شعاراتهم‭ ‬ويعرفون‭ ‬كيف‭ ‬ينقلونها‭ ‬الى‭ ‬الواقع‭.‬

 

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 785
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2023/10/11 - 1:08 AM
آخر تحديث 2024/07/14 - 4:31 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 303 الشهر 7871 الكلي 9369943
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير