الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
من تجارب الشعوب.. الوطنية والحفاظ على المال العام

بواسطة azzaman

من تجارب الشعوب.. الوطنية والحفاظ على المال العام

حاكم محسن محمد الربيعي

 

الوطنية هي الانتماء لوطن معين يعيش فيه الانسان المواطن ،وتترتب عليه واجبات وله حقوق وعليه التزامات،فهو يشارك في الدفاع عن وطنه،مهما اختلف هذا المواطن  مع الحكومة في الوطن الذي يعيش فيه وينعم  بخيراته و هو مسؤول عن  حماية ممتلكات الوطن وثرواته وفق حدود معينه وحسب مقتضى الحال ،ومهما أختلف نوع هذه الممتلكات ومصادر الثروة ،لكنها بالتأكيد مسؤولية وطنية يقتضيها الانتماء للوطن من خلال الولاء والاخلاص له والتضحية في سبيله،ولاسيما عندما يتعرض البلد الى غزو خارجي من قبل دولة معادية ،كما يترتب على الحكومة  ان تعمل  على تحقيق قدر  من العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة  وسيادة القانون بالتساوي  وتتجسد العدالة الاجتماعية في توفير فرص العمل بشكل متساوي ومتوازن  وحسب انشطة الفرص المتوفرة ومتطلبات اشغالها من حيث المؤهلات التي تتناسب مع متطلبات عمل الوظيفة ،فاذا ما تحقق ذلك يشعر المواطن بان عليه الدفاع عن وطنه الذي ينتمي اليه ويحافظ على ممتلكات البلد لا نها بالتالي هي ممتلكاته باعتباره جزء من شعب تعود اليه  هذه الملكية ،وان شعور الانسان بالائتماء للوطن وان عليه  المحافظة على ممتلكات وطنه ،يدفعه هذا الشعور بالوقوف بوجه المحاولات التي تفكر بها او تحاول عملها الدول من خلال عملائها او جيوشها لاسيما عندما تكون دول تمارس الهمجية في الحروب ولا هم  لها سوى  تخريب البلدان والقضاء على مكونات الدولة واجهزتها الامنية والعسكرية وزرع الفوضى ونهب ثروات البلدان التي تسيطر عليها من خلال الحروب او الاحتلال كما حصل مع افغانستان والعراق من قبل دولتي الهمجية  امريكا وبريطانيا وذيولها على سبيل المثال لا الحصر ،حيث ان هناك تجارب سابقة خلال الحربين  العالميتين ،وماحصل للنمسا خلال تلك الحرب شاهد يضاف الى الشواهد العديدة على سوء سلوك وتصرفات هاتين الدولتين،اذ يقول احد الاخوان بانه أوفد سنة 2003 وهو عام احتلال العراق الى النمسا حيث العاصمة فيينا في دورة تدريبية  لمدة 14 يوم . وكان المشرف على الدورة التدريبية دكتور "كرينكل" وهو نمساوي من مدينة سالزبورغ ،وكان عمره تقريبا 73 سنة ،أي أنه عاصر الحرب العالمية الثانية وكان شاهداً على احتلال النمسا من قبل بريطانيا    ،وفي منتصف الدورة ،دعانا لزيارة متحف التاريخ النمساوي في وسط فيينا .

وعند ذهابنا للمتحف ،ذهلنا بما رأينا من تاريخ الأباطرة والأمراء والملوك النمساويين ولما يحتويه المتحف من أشياء لا تقدر بثمن  وهناك ،سألت د كرينكل،إن كانت هذه الأشياء حقيقية أم تقليد للأصل

فأستغرب سؤالي ثم قال : لماذا تسأل  ؟ قلت  له لأني ملم بالتاريخ وأعرف أن الحلفاء احتلوا فيينا ،وأنه أصابها من الدمار المتعمد ما أصاب برلين ،وأن الحلفاء دمروا متعمدين المتاحف،ونهبوا المدينة ،ضحك وقال لي أنت على حق ،فعند دخول البريطانيين فيينا ،دمروا ونهبوا كل شيء ،ونالت فيينا عقوبة انضمامها  إلى الحرب مع ألمانيا فالذي يبيع تاريخه وتراثه وآثاره،هو مستعد أن يبيع للعدو الأجنبي سيادة واستقلال بلده وحرية أهله وكرامة شعبه ودماء شهدائه بثمن بخس،وعلى سبيل المثال في افغانستان كان الامريكان يعملون على فتح المحلات  لتشجيع نهب الممتلكات الخاصة للمواطنين مما متوفر في هذه المحلات ,ولكن الافغان كانوا أنظف من الوحوش الامريكان فكإنو يعملون على  غلق المحلات وعدم السماح لأي كان ان ينهب او يسرق  وهو عكس ما حصل في بعض الدول ومنها العراق الذي تعرض الى حالات من هذا النوع اضف الى ذلك ان  ثروة البلد مازالت تسرق  بانتظام وبأشكال ومسميات مختلفة ،ألم يحن الحين بعد للكف عما اوصلنا اليه الوحوش،والعودة الى طريق الصواب واستثمار القدرات  والوفورات النفطية في تأهيل القطاعات الاقتصادية. ويستمر الاخ المتحدث فيقول وعندما أكمل حديثه عما فعله سكان فيينا لحماية ثروات بلدهم ،سالت دموعي دون إرادة،حيث قال في الليلة التي عرفنا أن البريطانيين سوف يدخلون فيينا ،ذهب كل أهالي فيينا كباراً وصغاراً إلى البنوك والمتاحف ومؤسسات الدولة ،وكل شخص أخذ ما ستطاع على أخذه من الذهب والأموال والتحف والآثار والوثائق ومنها كانت جوهرة للإمبراطور النمساوي وصولجانه ومهد ابنه ،وهي قطع لا تقدر بثمن اليوم بالإضافة إلى سبائك الذهب ،وكميات ضخمة من الأموال قال "كرينكل" : أخذناها قبل أن ينهبها الجنود الإنكليز وكان ذلك عام   1945 وبعد انتهاء الحرب و نلنا  استقلالنا عام 1955 بدأنا ببناء بلدنا من جديد . فقام ،"وهنا  بيت القصيد" ،كل شخص بجلب ما أخذه وأعاده للبنوك والمتاحف والمؤسسات العامة والخاصة وبذلك ،أعدنا بناء بنوكنا ومتاحفنا ومؤسساتنا من جديد ،ولم نخسر أي شيء من تاريخنا وثرواتنا ،وأعدنا إعمار بلدنا من جديد عشر سنوات عجاف ،كانت البلد تحت احتلال أجنبي ،ولكن هذه التحف والأموال كانت محـــــمية بكل عناية في بيوت الناس ولم ينقص منها شيء ،بل تمت إعادتها كاملة لمؤسسات الدولة وللبنوك وللمتاحف ،كما كانت دون نقصان ،بعد كل هذه الفترة العصيبة الطويلة ،هكذا هي الوطنية والانتماء للو طن ،أما البلد الذي يتم سرقة بنوكه ومتاحفه وآثاره ومؤسساته ومعامله من قبل الحثالة من مجتمع  البلد وبيعها وتهريبها للخارج ،لا تأمل من هؤلاء الخير حتى وإن أصبحوا من مالكي الملايين أو المليارات ،وبعد اليس هناك من نهاية للفساد  ونهب المال العام . ان سيادة القانون وقوته كفـــــيلان بالمعالجة  شرط قوة وسطوة الارادة الحكومية.


مشاهدات 575
أضيف 2023/06/10 - 4:23 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 1:41 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 402 الشهر 11526 الكلي 9362063
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير