لجان مجلس النواب والمحاصصة
سامي الزبيدي
أشهر عديدة مرت على انتخاب رئيس مجلس النواب ونوابه من ثم إعادة الثقة برئيس المجلس قبل تشكيل حكومة السوداني وشهرين على تشكيل الحكومة الجديدة وعدد من لجان مجلس النواب لم يتم انتخاب رؤسائها وأعضائها بسبب الخلافات على توزيع هذه اللجان محاصصة بين الأحزاب والكتل المشاركة في مجلس النواب , فالأحزاب الكبيرة والمهيمنة على الحكومة وعلى المشهد السياسي تريد السيطرة على لجان مجلس النواب خصوصاً (اللجان الدسمة) التي ورائها (مالات) مكاسب مالية وسياسية أي تريدها محاصصةحزبية وطائفية أيضاً فكل الأحزاب والكتل الكبيرة تلهث وراء اللجان (أم الخبزة ) وهي لجنة النزاهة واللجنة الاقتصادية واللجنة المالية واللجنة الأمن والدفاع ولجنة النفط والطاقة وغيرها من اللجان المهمة والكل يريد رئاسة هذه اللجان دون غيرها من اللجان لتكون من نصيبه أما الأحزاب والكتل الصغيرة فلها رئاسة لجان السياحة والأوقاف والثقافة وغيرها من اللجان (الغير دسمة) وهكذا تبقى المحاصصة وتقاسم المناصب في كل السلطات الثلاث سيدة المشهد السياسي في العراق وما يقال عن الإصلاح وتقديم الخدمات للشعب ما هو إلا مجرد كلام للاستهلاك المحلي ولهذا لا تقوم للعراق قائمة مادامت المحاصصة الحزبية والطائفية هي الأساس في تقاسم المناصب كلها في الدولة والحكومة ولجان مجلس النواب والحكومات المحلية إذا تم الاتفاق على انتخابات مجالس المحافظات وإعادة إحيائها لأغراض انتخابية مستقبلية بعد ان أسقطتها انتفاضة تشرين ومادام التهميش والإقصاء يطال الكفاءات والخبرات الأكاديمية والمهنية الوطنية والمجربة والنزيهة التي تريد خدمة وطنها وشعبها وسيبقى الشعب يعاني من الظلم والجور والفقر والبطالة والأمراض وسوء الخدمات وانتشار المخدرات وسطوة الميليشيات استفحال النزاعات العشائرية وانتشار السلاح خارج سيطرة الدولة وعدم احترام القانون والنظام وسيستمر الفساد وسرقة أموال الشعب ونهب ثروات الوطن من قبل الأحزاب والكتل المتنفذة ومن قبل السياسيين والمسؤولين وعوائلهم ومقربيهم وسيبقى الشعب يُظلم وتُنتهك حقوقه وتُسرق أمواله ويذل ويعاني الفقر والجوع ويطالب بحقوقه ولا من مجيب وسيبقى الوطن ُتسلب أمواله وتُنهب ثرواته ولا واعز من ضمير ولا خوف من الله ومن الشعب ولا من قانون وقضاء يردع كبار الفاسدين والسراق واللصوص , فمن غير المعقول ان يتحمل الشعب كل هذا الظلم والجور والمعاناة وكل هذا الفساد والسرقات لأمواله كالسرقة التي سميت سرقة القرن وما أكثر سرقات القرن في العراق والنهب لثروات أجياله كسرقة النفط التي تم اكتشافها أخيراً وسرقة النفط مستمرة منذ سنين طويلة ولا يتحرك , فمتى ينتفض شعبنا ليقتلع الفاشلين والفاسدين والطائفيين والميلشياويين والقتلة وسارقي قوت الشعب وناهبي ثروات الوطن والمفرطين بأرضه ومياهه وسيادته من جذورهم ويعيدهم للشارع الذي جلبهم المحتل الأمريكي منه وسلطهم على رقاب العراقيين كما يقول بريمر الحاكم المدني لسلطة الاحتلال الأمريكي للعراق عن قادة العراق الجدد (إنهم لصوص جئنا بهم من الشارع) ؟ متى ؟ فقد بلغ السيل الزبى وبلغ الظلم والجور حدوده وضرب الفقر والجوع والأمراض والبطالة نصف الشعب العراقي وانتشرت العصابات والمخدرات وأخيرا حالات الانتحار بشكل كبير وانتهكت حقوق المواطنين وحرياتهم وسرقت أموالهم وثرواتهم وبيعت حتى ارض الوطن ومياهه وحقول نفطه الحدودية العملاقة وسيادته بثمن بخس وأصبح العراق حديقة خلفية لدول الجوار , فمن غير المعقول ان تسبقنا تونس والجزائر والسودان في انتفاضاتهم الشعبية وإسقاط حكوماتهم الأقل جورا وظلما وتعسفا وفساداً وسرقاتاً وسوء إدارة من حكوماتنا ونحن أحفاد أبطال ثورة العشرين وانتفاضة 1948 وثورة 14 تموز 1958 ونحن من علمنا الشعوب العربية الأخرى الانتفاضات والتصدي للخونة والمجرمين والعملاء والسراق,والى متى يبقى الشعب العراقي راضيا بذله مهانته ومعاناته وفقرة وجوعه وسوء خدماته والتضييق على حرياته وسلب حقوقه ؟