بورصة التعليم الموازي
كمال جاسم العزاوي
شك ان تنافس الطلبة المشروع للحصول على التخصصات العلمية والمقاعد الجامعية المقننة يجب أن يقوم على أساس عادل ومنصف وهو المؤهل العلمي والمعدل الحقيقي (المجرد من أي اضافات بقرارات استثنائية أو امتيازات) والذي ينتزع بالجهود الذاتية وليس بأي وسيلة اخرى مهما كانت المبررات لأن أي خلل في مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص ستنعكس نتائجة السلبية على أجيال بكاملها وليس على أشخاص محددين فبالأمس كان هدف الطالب الحصول على التخصص الذي له الحظ الأوفر من التقدير والاحترام المجتمعي وله ألقاب مثيرة كالطبيب والمهندس والمحامي والمدرّس بصرف النظر عن ما سيدرّه هذا اللقب من عائد مادي أو نفعي لسبب بسيط هو أن أغلب شرائح المجتمع قد أخذت حقها من مستلزمات الحياة الكريمة فلا مبرر للتفكير في هذه المسألة أما اليوم فالأمر قد اختلف تماماً وأصبح الهم الأكبر للطالب الحصول على التخصص الذي يؤمن له مستقبله المادي والمعيشي في ظل البطالة والفاقة التي تعاني منها شرائح عديدة من المجتمع ومن هنا كان اشتداد التنافس والضغط باتجاه الحصول على مقاعد لاختصاصات محددة لها صلة واضحة بأوامرالتوظيف وسد الحاجة المستمرة للملاكات الفنية وغيرها في مؤسسات الدولة سيما الخدمية منها في الظرف الراهن وهي المجال الطبي بكافة فروعه ومفاصله ودرجاته وكذلك بعض التخصصات التقنية المهمة بقطاع النفط وغيره وهناك بعض الشواغر العلمية التدريسية في مجال التربية كالرياضيات والعلوم الصرفة الاخرى هل يعتبر قرار (الموازي) الحل الأمثل ؟؟ان توسيع فرص القبول لكافة مجالات التعليم وأصنافه (الحكومي المباشر والمسائي - الأهلي) قد يستوعب الأعداد الكبيرة من خريجي المرحلة الاعدادية الا أن ارتفاع المعدلات النهائية لهم بشكل غير اعتيادي قد أوجد زخماً وتزاحماً على أقسام وعلوم محددة وشكلت (اللوبي) الذي يضغط باتجاه الحل فكان قرار (الموازي) الذي حقق مطالب الكثير من الطلبة خارج مقاعد القبول المركزي بشراء درجات (محددة) لقاء مبالغ مالية تصل الى عدة ملايين للقسط السنوي الواحد في أعلى قائمة الأقسام المطلوب قد يكون هذا الاجراء مقنعاً ويرضي الكثير من الطلبة باختلاف مستوياتهم المادية والعلمية لكنه قد يفرز آثاراً سلبية على واقع قطاع التعليم العالي أولاً وتأثيراته الاجتماعية وانعكاساته المستقبلية على الأداء العلمي والفني لمن حصل على تخصص دون استحقاق علمي أو جدارة كالطب أو التعليم العام أو الاختصاصات الاخرى التي تمس حياة المواطنين وفي وجهه الآخر أيضاً صدمة نفسية وحالة من الاحباط لمن لم يسعفه وضعه المادي في نيل مراده بالحصول على المقعد الدراسي المطلوب كما سيعمل على اقصاء فئة اخرى من الطلبة المتفوقين علمياً والمتخلفين مادياً من استحقاقهم العلمي لفشلهم في لعبة التنافس المادي وأخيراً لابد من قول كلمة الحق والثناء على جهود المسؤولين في التعليم العالي لعملهم الدؤوب وعدم ادخار أي جهد لاستيعاب الأعداد الهائلة من الطلبة لكن من المؤكد أن الدراسة المستفيضة لأي قرارات جديدة والاحاطة الكاملة بمجريات الامور ودراسة النتائج الايجابية وغيرالايجابية التي ستفرزها
القرارات المؤقتة والطارئة كفيل بنجاح تلك المبادرات وتجنب الانعكاسات السلبية لها .