نعيما

مازن الحيدري

كان للحلاق ايام زمان دور متعدد الأغراض يبدأ بحلاقة شعر الرأس و اللحية و لا ينتهي عند إعطاء الوصفات الطبية التي تعتمد الأعشاب مثل البابونج و الورد الماوي و ورد لسان الثور وزيت الخروع وغيرها من الوصفات التي تعالج أغلب الحالات المرضية التي يمر بها اهل المحلة إضافة إلى التعامل مع وجع الأسنان و قلعها عند الحاجة !!

وفوق هذا كله فقد كان أغلب الحلاقين يمارسون مهنة (الزعرتي ) وإجراء عمليات ختان الاولاد التي كانت تصاحبها احتفالات ينثر فيها الجكليت و بعض القطع النقدية المعدنية على رأس الضحية الذي غالبا ما يكون مقيدا من قبل اخواله او أعمامه الاشداء ليسهلوا مهمة الحلاق الزعرتي الذي يقوم بعملية الختان ..

كان الحلاق ذو مركز اجتماعي محترم ومتميز وذلك يعود الى ان جميع سكان المحلة من اعيانها و اغنيائها يحلقون رؤوسهم عنده وفي الغالب يكونوا قد ختنوا على نفس اليد وهذه الحالة نادرا ما تتيسر لشخص واحد يقوم بقطع جزء من عضوك الذكري و انت صغير و من ثم تنحني له ليقص شعر رأسك و انت كبير !!

للحاج (صالح الافحج ) دور مهم في حياتي حين قص ظفيرة شعري في أول جلسة حلاقة لي وانا على اعتاب السنة الثالثة من عمري وأحمد الله اني لا أتذكر تفاصيل يوم ختاني على يده ايضا !!

بالأمس مررت بمحل صديقتي الحلاقة تينا التي جاوزت معرفتي بها ومعرفتها بخبايا وتفاصيل شعري خمسة عشر عاما ،، وكما في كل مرة أمضي جلسة الحلاقة بمشاكستها واستعجالها لانهاء المهمة باسرع مايمكن للتخلص من قيد كرسي الحلاقة الذي لا أطيقه !!

تذكرت بان اليوم كان الإثنين ، عطلة الحلاقين التقليدية ايام زمان وسرحت في استذكار كل الحلاقين الذين ربطتني معهم علاقة تقترب من حدود الصداقة ، فالحلاق ليس كمثل باقي الاشخاص الذين نتعامل معهم خلال حياتنا على مدار السنين ،،

تذكرت ظفيرتي التي احتفظت بها أمي ومازلت احتفظ بها اليوم رغم انها اصبحت لاتشبه شعر رأسي بشيء ،

كما أن ( نيمين) التي تطلقها تينا بعد انتهاء الحلاقة لاتشبه ( نعيماً ) بشيء !!