محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي العالمية ومعها دول مختلفة مشغولة بسن تشريعات ورفع قضايا في المحاكم ضد مروجي الاخبار المضللة والكاذبة، وفي بعض الدول العربية تجري ملاحقة مدونين وصحافيين وكتّاب بتهمة تغريدات او تصريحات او نشر اخبار تتهم بأنها غير صادقة، وتترتب عليها احكام بالسجن والملاحقة.
هناك تجارة عالمية كبيرة في نشر الاخبار الكاذبة عبر تقنيات متقدمة ومؤثرة ويتم استخدام خبراء ومعلومات حقيقية لإنتاج معلومات جديدة كاذبة، لكنها تمتلك قوة اقناع عالية ويمكنها الوصول الى نطاقات واسعة في الرأي العام وأحيانا تجعل أصحاب القرار السياسي او النُخب مضطرة للتراجع خطوة امام تيار ضاغط صنعته تلك الكارتلات الكبيرة عبر الميديا الحديثة. وهؤلاء ينشطون في مواسم الازمات الدولية كما حصل في بداية ظهور اللقاحات المضادة لفايروس كورونا وحوادث الزلازل والحروب، وانهيار البورصات ،ومواسم الانتخابات وسواها. وذكر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الأمريكي قبل أربع سنوات في دراسته الاستطلاعية ان الأخبار الكاذبة تنال انتشاراً عالمياً أسرع وأكبر من الاخبار الحقيقية الصادقة، وهذه مشكلة لا يستهان بها وهي خارج السيطرة في معظم الأحيان وتحتاج موازنات مالية عالية لمواجهتها وإصلاح الخلل الواقع في التأثير في قطاعات مختلفة من الناس والمؤسسات، وربما لا تكون النتائج بعد ذلك مستوفية لشروط النجاح أيضاً.
لكن الدول العربية تستغل الامتعاض العالمي من نشر الاخبار المضللة لتستحدث قوانين وتشريعات قامعة للحريات الشخصية في التعبير بحجة نشر الأكاذيب ، من دون ان يكون هناك حد فاصل للتفرقة والتمييز بين منصات ومحركات عالمية او محلية ممولة لترويج ممنهج لأخبار غير حقيقية بعينها وبين ناشط محترق قلبه على بلده الغارق في الفساد والتردي والظلام ويكتب معبرا عن بعض تلك الحرائق التي قد تنتابها كلمات من السهولة ان تستغلها أجهزة الدول العربية المتخصصة في القمع للنيل من ذلك الناشط المتحمس أو الإعلامي غير المرتبط بجهات أو منصات أو منظمات.
في المقابل نجد انَّ الاعلام المرتبط بالحكومات يعيش في عصور ساحقة في التخلف وتحركه آليات متعبة وجاهلة وفي أحسن الأحوال مسيسة لا ترى سوى مصالح ال «يعيش» وال «يسقط» التي تعود بالعرب دوماً الى العهود الشمولية مهما تغطت الأنظمة بشعارات الديمقراطية والحداثة والتنوير. الى جانب ذلك نجد ان الوزراء والنواب والسياسيين يملأون الفضاء الإعلامي كلما كانت فرصتهم مواتية الى ذلك بالوعود والمعلومات الكاذبة من دون ان يدخلوا تحت طائلة المحاسبة من اي قانون.
أهناك كذب شرعي ودستوري وآخر خارج الشرائع والقوانين ؟
رئيس التحرير-الطبعة الدولية