للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد
العمل يدا بيد على بناء المجتمع الصيني العربي
تسوي وي
تضرب العلاقات بين الصين والدول العربية بجذورها في أعماق التاريخ، التي ترجع إلى طريق الحرير القديم قبل أكثر من 2000 سنة. منذ ذلك الحين فصاعدا، ظل السلام والتعاون والانفتاح والشمول والتعلم المتبادل والاستفادة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك عنوانا رئيسيا لتاريخ التواصل بين الصين والدول العربية. على مدى أكثر من 70 سنة بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تآزرت وتساندت الصين والدول العربية بكل صدق وإخلاص وبروح الفريق الواحد في سبيل تحقيق الاستقلال الوطني ونهضة الأمة، وتضامنت وتعاونت للدفاع عن الحق وتحقيق الكسب المشترك في المحافل الدولية سياسيا واقتصاديا، وحقق التعاون الودي بين الجانبين طفرة تاريخية من حيث النطاق والعمق، وأصبح قدوة يحتذى بها لتعاون الجنوب والجنوب. وخلال السنوات الأخيرة، حققت علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية تقدما مستمرا وارتفع التعاون في بناء "الحزام والطريق" إلى مستويات جديدة.
تتعمق الثقة الاستراتيجية المتبادلة باستمرار
أقامت الصين والدول العربية علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل، وأقامت الصين علاقات الشراكة ذات الطابع الاستراتيجي مع12 دولة عربية على صعيد ثنائي. وتدعو كل من الصين والدول العربية إلى احترام السيادة والاستقلال وسلامة الأراضي وعدم الاعتداء وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والمساواة والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمي، وترفض التدخل الخارجي والهيمنة وسياسة القوة بكافة أشكالها، وتدعو إلى احترام ودعم كافة الدول في اختيار طرقها التنموية بإرادتها المستقلة وفقا لظروفها الوطنية ومقدراتها الوطنية. كما ظلت الصين والدول العربية تحافظ بحزم على المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها والنظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية التي تقوم على أساس مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة؛ وتدعم سويا تعددية الأطراف وتعزز التعاون المتعدد الأطراف وترفض الأحادية وسياسة القوة؛ وتدعو سويا إلى دمقرطة العلاقات الدولية وتدعم الدول النامية للحصول على تمثيل أكبر وصوت أعلى في الحوكمة العالمية للحفاظ على المصالح المشتركة للدول النامية وتعزيز القضية العادلة للسلام والتنمية للبشرية
التعاون العملي مفعم بالحيوية
تستكمل معادلة التعاون الصيني العربي في بناء "الحزام والطريق" بشكل مستمر، وحقق هذا التعاون النتائج العديدة. وقد وقعت الصين وثائق التعاون بشأن التشارك في بناء "الحزام والطريق" مع 20 دولة عربية وجامعة الدول العربية. وينفذ الجانبان الصيني والعربي أكثر من 200 مشروع تعاون ضخم في مختلف المجالات مثل الطاقة والبنية التحتية، وتعود نتائج التعاون بالنفع على شعوب الجانبين البالغ عددهم ما يقارب ملياري نسمة. ارتفع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري إلى مستوى جديد، إذ في عام 2021بلغت أرصدة الاستثمار المباشر المتبادل بين الجانبين الصيني والعربي 27 مليار دولار أمريكي، بزيادة 2.6 ضعف عما كانت عليه قبل 10 سنوات؛ وبلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 330.3 مليار دولار أمريكي، بزيادة 1.5 ضعف عما كان عليه قبل 10 سنوات. يستمر التعاون في مجال الطاقة في تعمق، إذ تعمل الصين والدول العربية على إقامة الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية القائمة على أساس المنفعة المتبادلة والصداقة الطويلة الأمد في مجال الطاقة، وتبذل جهودا مشتركة لإقامة معادلة التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة التي تتخذ النفط والغاز كمحرك والطاقة النووية كمساهم والطاقة النظيفة كمسرع. حقق التعاون في مجال التكنولوجيا المتقدمة والحديثة اختراقات، إذ ينفذ الجانبان الصيني والعربي سويا خطة عمل "الحزام والطريق" للابتكار التكنولوجي في إطار الشراكة التكنولوجية الصينية العربية، للاستفادة الكاملة من المزايا التكنولوجية الصينية وتوظيف الدور التحفيزي للتكنولوجيا المتقدمة والحديثة.
التواصل الثقافي والإنساني متنوع
أجرى الجانبان الصيني والعربي تعاونا متنوعا في مجالات الشباب والأديان والأحزاب والإعلام والتعليم والثقافة والصحة والإذاعة والتلفزيون، مما وسع التبادل الإنساني والثقافي وعمق تفاهم الجانبين. منذ عام 2013 قامت الصين بتدريب 25 ألف كفء من مختلف التخصصات للدول العربية، وقدمت حوالي 11 ألف منحة دراسية حكومية لها، وأرسلت 80 فريقا طبيا متكونا مما يقرب من 1700 فرد. وتدعو كل من الصين والدول العربية إلى تعزيز الحوار والشمول والتسامح بين الحضارات والشعوب والأديان المختلفة، وتعارض "نظرية صراع الحضارات" و"نظرية التفوق الحضاري" و"الإسلاموفوبيا"، وترفض ربط الإرهاب بأي عرق أو دين أو دولة أو حضارة بعينها. في عام 2022 شاركت الصين في رعاية مشروع القرار الذي يحدد يوم 15 مارس لكل عام كاليوم العالمي لمحاربة الإسلاموفوبيا، وأيدت اعتماده في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأمر الذي يجسد موقف الصين الدائم لدعم الحوار بين الحضارات ورفض الصراع بينها.
تتضامن وتتآزر الصين والدول العربية
في مكافحة الجائحة
تضامنت وتآزرت الصين والدول العربية بروح الفريق الواحد منذ حدوث جائحة فيروس كورونا المستجد، وأجرت تعاونا فعالا في مجالات تطوير اللقاحات واستخدامها والوقاية والسيطرة المشتركة وتقاسم الخبرات والأدوية العلاجية وغيرها، مما نصب قدوة يحتذى بها للتعاون العالمي في مكافحة الجائحة، وذلك يعد تجسيدا حيا لتشارك الصين والدول العربية في المستقبل المشترك. قدمت الصين للدول العربية عددا كبيرا من المساعدات لمكافحة الجائحة، وأرسلت فرق خبراء طبيين تضم قرابة مائة خبير إلى الدول العربية، وقدمت التوصيات للدول المعنية بشأن مكافحة الجائحة عن طريقة التشخيص والعلاج عن بعد. لغاية أكتوبر عام 2022 قد قدمت الصين أكثر من 340 مليون جرعة من اللقاحات ضد فيروس كورونا المستجد إلى الدول العربية.
إن الصين والعراق صديقان حميمان وشريكان عزيزان، والعراق من أوائل الدول العربية التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع الصين الجديدة، ومنذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما، ظلتا تتبادلان الفهم والثقة والدعم لبعضهما البعض. يولي الجانب الصيني اهتماما بالغا إلى تطوير علاقاته مع العراق، حريصا على انتهاز فرصة القمة الصينية العربية الأولى للعمل مع العراق وغيرها من الدول العربية على تكريس الصداقة الصينية العربية التاريخية، ومواصلة إثراء وتعميق معادلة التعاون الشاملة الأبعاد والمتعددة المستويات والواسعة النطاق بين الجانبين، والعمل يدا بيد على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، بما يعود بالخير على الشعب الصيني والشعوب العربية، ويعزز التضامن والتعاون بين الدول النامية، ويحافظ معا على قضية السلام والتنمية في العالم.
{ سفير جمهورية الصين الشعبية لدى جمهورية العراق