لا يوجد نظام سياسي في العالم يحظى بإجماع دولي من التأييد منقطع النظير الى حد الدهشة، يدفع باتجاه ترسيخه واستمراريته، مثل النظام في العراق، الذي يجمع بلمح البصر منذ السنة الأولى التي أعقبت الاحتلال الأمريكي 2003 انواعاً من الدعم العلني وغير العلني من الحلفاء والاضداد بدءاً من الولايات المتحدة ومجلس الامن الدولي والأمم المتحدة وصولاً الى ايران واسرائيل .وشهدنا كيف انّ العواصم الكبرى هرعت لإعلان تأييدها واستعدادها للعمل والشراكة مع رئيس الحكومة العراقية المكلف بعد ساعات قليلة من جلسة تكليفه وقبل ان تسمع تلك العواصم شيئاً عن برنامجه وتوجهاته السياسية الخارجية او الداخلية العامة، ما يدل على انّ الدعم هو قرار مسبق، وصك على بياض لاستمرارية النظام السياسي في بغداد بكل حيثياته، مهما كانت درجة عدم الرضا «نادراً طبعاً» على بعض مجريات الامور، وليس المقصود بالتأييد الدولي السريع الحلقة الجديدة المضافة في سياق التشكيلات الرسمية.
العالم مغمض العيون عن أي تجاوز على حقوق الانسان في العراق، وليس معنياً بها أصلاً، كما انّ العالم غير معني بملفات كثيرة، يشكل تدهورها مع الأيام تهديدا لمصالح اقليمية ودولية، لاسيما عندما اقترب الوضع في العراق أكثر من مرة على مسافة أمتار قليلة في الوقوع تحت طائلة الدول الفاشلة منذ سيطرة داعش على ثلث العراق، أو بعد انكشاف ملفات مرعبة من الفساد الذي تتخلله الولاءات الخارجية السرية التي تعنى بانحراف القرار في العراق باتجاه تلبية مصالح الاخرين اولاً.
المفترض، أن تكون هناك إرادة سياسية موحدة في العراق في اظهار وحدة الموقف من قضايا الشراكة والتعاون التي بذلت عروضها في تصريحات أمريكية وأوربية كثيرة بعد اعلان التكليف الحكومي. نريد للبلاد تجسيد معنى الشراكة الدولية المؤثرة بما يفرض عملية النهوض بتنمية العراق بقرارات دولية ما لم تولد إرادة نهضة تنموية داخلية، لاسيما انّ مراقبة أموال العراق النفطية لا تزال تحت انظار وصرف البنك الفيدرالي الأمريكي.
انّ الامر غير المرئي في اللحظة الراهنة، هو انّ تفسخ الوضع العراقي وهزال اقتصاده وتفشي الفساد المالي فيه فضلا عن نغمات النشاز في وضعه السياسي انما هي بنود أساسية تصب في غير صالح الوضع الدولي في قابل السنوات، وقد يتحول العراق الى مشكلة دولية ذات وجوه جديدة مرة أخرى ، وفي أوقات محرجة لكثير من الدول التي ليس من السهل دائما توحيدها تحت الرؤية الامريكية او الإيرانية ، كما يحدث حتى الآن.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية