الوزارة قيد التنفيذ
جاسم مراد
قبل الوزير الأول وبعده ، تحدث السوداني على انحيازه التام لوزارة خالية من الضغوطات ، ومنتمية لإرادة المواطن ورغبة الطلائع الوطنية العراقية ، ولكن رغم هذه الرغبة ، أحاطت بالسوداني لاءات الكتل والأحزاب على حقه في الاختيار المطلق لوزارته ، ورغباتها بتحديد الوزراء لا غيرها ، واشتراطاتها في تحديد المكان لوزرائها ، حسب حجم كل كتلة في مجلس النواب ، وهنا بالضبط يصبح السيد السوداني مقيد لا مخير وبالتالي وقعت الوزارة التي أرادها مملوكة الولاء للوطن ، وقعت في ترسيم الحدود بين اطراف المحاصصة ، وبالتالي أصبحت كسابقاتها قيد التنفيذ لا تملك حرية الحركة ولا تتفق مع الرغبة الشعبية .
يبدو على وفق المجريات الراهنة ، إن المحاصصة أقوى من الوطن ، وان المصالح الحزبية والكتلوية ، فوق مصالح المواطنين ، وأن العراق الكبير المحوري عبر التاريخ ، يراد له أن يكون محصوراً بين الاختلافات الشخصية وتوجهاتها السياسية ، وبين التوزيعات الجيوسياسية ورغبات السيطرة المناطقية على حساب مركزية الدولة .
لقد ولدت الوزارة برئاسة السوداني في ظروف صعبة وقاهره ، كان ابرزها رغبة الشعب على مغادرة المحاصصة ، وإصرار الكتلة البرلمانية الأكبر وهي الكتلة الصدرية على قيام سلطة وطنية عابرة للمحاصصة ، وتوكيد الحركة التشرينية على نظام المواطنة وتغيير في هيكلية النظام الحالي الذي فشل عبر 20)) عاما في إدارة السلطة من تحقيق مصالح المواطنين .
ضعف الاداء
مما لا شك فيه إن تقييد الوزارة الجديد ه وعدم اطلاق حرية السوداني في اختيار وزراءه ، وحسب المكان الذي يؤدي فيه الوزير دوره في النهوض والعطاء والبناء ، وليس حسب ما تختاره الكتلة أو الحزب ، سيؤدي ذلك الى ضعف الأداء والعودة لصراعات الشوارع .
ثمة إصرار للقوى المتمسكة بالمحاصصة ، على عدم الاستجابة للرغبة الشعبية ، ولا قراءة التحولات المهمة التي يشهدها العراق سيما في مجال تنامي الوعي الشعبي والمجتمعي في سياق ضرورات تغيير هيكلية النظام وبناء السلطة على أسس وطنية ، وان هذا الإصرار سيؤدي حتما الى المزيد من الافتراق بين الشعب والنظام ، وبالتالي سيكون الرابح الوحيد هم الفاسدين والذين لا يريدون للعراق أن يعود لدوره العربي والإقليمي والدولي .
اثبتت مجريات الاحداث ، إن التكتلات والأحزاب الحاكمة ، لم يعد في منطوقها ولا في منهجها التنازل للعراق وشعبه ، واطلاق حرية التصرف للوزير الأول بتشكيل حكومته ومحاسبة الجهة التي تخل بتعهداتها وصدقية عملها في خدمة الشعب والوطن ، إن هذا الإصرار على التقييد يعني بالضرورة بقاء الوضع على حالة وعدم الاكتراث بكل الانسدادات التي جرت وعطلت تشكيل الحكومة لعام كامل وما تبعها من عدم إقرار الموازنة وتوقف المشاريع الاستثمارية والخدمية والصحية .
إن النظام الذي يولّد شبكة خطيرة من الفاسدين والنهابين ، يحتاج فعلاً الى ايادي قوية والى عقول شجاعة لاتهاب أحدا سوى الوطن والشعب ، وكان الناس على وفق الاستطلاعات ترى في الوزير الأول خطوة نحو تحقيق جزءا مهما من تطلعاتهم ، ولكن كما يبدو إن احاطة السوداني بالعديد من الاشتراطات يمنعه من تحقيق ما وعد به ، وبهذا لم يعد امام السوداني سوى اللجوء للشعب بما يجري .. كما يبدو انه لم تعد سنة التجاوز لم تفلح في اجراء تغيرات حقيقيه بل مداورة بين اطراف المصالح.