الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ريسان رشيد في ذكرى رحيله الأولى.. سعة المخيلة تساعد بإلتقاط المخفي في الشخصيات الشعبية والتفاعل معها

بواسطة azzaman

ريسان رشيد في ذكرى رحيله الأولى.. سعة المخيلة تساعد بإلتقاط المخفي في الشخصيات الشعبية والتفاعل معها

الموصل - مروان ياسين الدليمي

في مثل هذه الأيام ،وتحديدا في الرابع من أيلول من العام الماضي  ، ودّع الحياة المخرج والممثل ريسان رشيد مواليد الموصل 1956 بعد أن ترك وراءه أثرا طيبا لدى جميع من عرفه وعمل معه ، سواء في السينما أو المؤسسة العامة للأذاعة والتلفزيون،حيث عمل مصورا ومخرجا للأفلام والبرامج الوثائقية إلى أن أحيل للتقاعد قبل رحيله بعدة أشهر.

وبالنسبة لي ، كان ريسان ، إلى جانب الصديق والمخرج الراحل عبد الرزاق إبراهيم 1958 – 2013 م ، جزء من ذاكرتي الشخصية التي أعتز بها كثيرا ، فقد ارتبطنا ثلاثتنا ، بصداقة وزمالة إرتقت إلى أرفع وأنبل السمات ،بعد أن إمتدت لسنين طويلة تجاوزت الثلاثة عقود ، وأشهد أنها كانت حافلة بالصدق والأخوة والمودة والنبل .

وأذكر جيدا أنها بدأت ونحن شباب في مقتبل أعمارنا ،خلال النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي ، وكان لقاءنا الأول عندما اجتمعنا للعمل ضمن  فرق مراكز الشباب المسرحية، وكانت في ذروة نشاطها آنذاك ، ثم نضجت هذه العلاقة التي لم تشهد خصومة ولاخلافا عندما التحقنا ثلاثتنا سوية للدراسة في كلية الفنون الجميلة عام 1980 .

كانت حياتنا داخل الأقسام الداخلية ، نموذجا رائعا للعلاقات الانسانية التي ارتبطنا بها مع زملاء من البصرة والكوت والحلة ومدينة الثورة والنعمانية وكربلاء والنجف.

فكنا نحرص ثلاتنا على أن نختار أوسع الغرف مساحة ، حتى نستطيع  استضافة زملائنا الطلبة من سكنة بغداد ، فنوفر عليهم نفقات ومشقة العودة إلى بيوتهم الموزعة في مناطق متباعدة من العاصمة ، وخاصة من كانوا يسكنون في مدينة الثورة ، لعل أبرزهم  علي داخل( الممثل الكوميدي المعروف) وأميل جورج وجبر عبد الله ناهي وآخرين.

شخصية متميزة

يتفق كل الذين عرفوا ريسان على أنه من أجمل الشخصيات، خلقا ، ووعيا ، ومتعة ، وثقافة فنية ، ولعل أبرز سماته ألتي جعلته قريبا إلى قلب كل الذين تعرفوا عليه مَلَكَته  " الفطرية " التي كانت تعينه وبكل سلاسة على خلق البهجة والفرح بين أصدقائه في كل الظروف ، هذا إضافة إلى سِعة مخيلته التي ساعدته على أن  يلتقط  من خلالها كل ما هو ظريف ومخفي في الشخصيات الشعبية التي كان يحرص على التفاعل معها.

ومما يحسب له أنه كان القاسم المشترك في تمثيل الشخصيات الرئيسة في معظم اطروحات طلبة قسم السينما في كلية الفنون ، نظرا لما كانت عليه ملامحه من قوة تأثير ، تؤهله لأن يكون نجما سينمائيا بمواصفات النجوم العالميين،وهذا ما انتبه إليه المخرج عبد الهادي الراوي فمنحه فرصة الظهور في فيلم (المنفذون) في مطلع ثمانينات القرن الماضي ، ليقف إلى جانب ابرز الممثلين العراقيين آنذاك. وكان من الممكن أن يصبح من أبرز الوجوه والنجوم في السينما والدراما العراقية في ما لو كانت هناك بنية إنتاجية سليمة ،قائمة على استقطاب المواهب، وليس إعتمادا على الشللية والعلاقات. وريسان كان عفيف النفس وأبعد من أن يرضى لنفسه أن يتذلل لأجل الحصول على فرصة كما هو شأن الموهوبين والمخلصين لعلمهم.

دائما ما كان يخطر على بالنا الممثل انتوني كوين عندما نراقب ريسان ، بل كان الأقرب في الحياة الواقعية إلى شخصية زوربا ، بكل ما فيها من انشراح ورغبة جامحة بالحياة وانتماء صادق  للشخصيات الهامشية.

أذكر  جيدا انني لم أستطع أن اكتب كلمة نعي عندما تلقيت خبر رحيله في العام الماضي ، وبقيت أسير حالة من الصمت والذهول ، ولكن  ما أن  أستعيد ذكرياتنا معا ، أثناء محادثاتي عبر الهاتف مع الأصدقاء الذين كانوا على درجة قريبة منه مثل الرسام حسن حداد  والمونتير أميل جورج  والشاعر بولص آدم ، فإذا بنا لانستطيع أن نمنع أنفسنا من الأبتسام ، لأن طيفه اللطيف ،لايمكن أن يمر على الذاكرة إلأ ويبعث فينا شعورا بالغبطة.


مشاهدات 768
أضيف 2022/09/18 - 2:23 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 3:23 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 70 الشهر 70 الكلي 9362142
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير