الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العراق في مشهده السريالي

بواسطة azzaman

العراق في مشهده السريالي

علي ضياء الدين 

 

السريالية إتجاه فني وأدبي يسعى الى تصوير ماهو بعيد عن العقل والمنطق والمألوف ويجمع في آن واحد النقائض التي لايمكن أن تجتمع في مكان واحد أو وقت واحد: سمكة بجناحين مثلاً، حصان يخرج من بيضة، مدينة معلقة في الهواء، إنسان بعين واحدة، بقرة تحتضن تمساحا ويرقصان معاً، أحجار لها عيون، خراف تطير حتى بدون أجنحة،سفينة تسير في الرمال.. الخ. ألا يشبه هذا كله المشهد العراقي اللامعقول الذي قدر للعراقيين أن يكونوا على موعد معه منذ 2003 وحتى اليوم؟

لو أردنا الحقيقة فإنهما لا يتشابهان فقط بل أن العراقي قد بزه وتفوق عليه بمراحل. اللاعبون داخل هذا المشهد لايريدون مغادرته وهم يتشبثون به تشبث الغريق بلوحة خشب متهالكة. إنهم يتقاتلون فيما بينهم بضراوة ثم يتضامنون فيما بينهم لمقاتلة عدوهم المشترك قبل أن يعاودوا الإقتتال فيما بينهم ثانية ويكيل كل منهم التهم الكبيرة للآخر لكنهم لفرط جهلهم ولأن مصالحهم تتحكم بسلوكهم سرعان ماينسون ما تفوهوا به الليلة الماضية. يسألك الناس لماذا إتهمت يا أستاذ مساء أمس شريكك في حفلة اللامعقول فلان الفلاني بالخيانة والعمالة فإذا بك في ضحى هذا اليوم تشيد بوطنيته؟ يأتيك جوابه سريعا: أنس الأمس. نحن أبناء اليوم.

قسم الايمان

ثم يخرج علان العلاني على الملأ كي يقسم أغلظ الأيمان أنه الذي كان صديقه ورفيق دربه حتى قبل ساعة واحدة يداه ملوثتان بالحرام، بسرقة المال العام ثم يبرز للمشاهدين الوثائق الرسمية التي تثبت أقواله وينتظر الناس أن يتحرك حراس العدالة لكنهم لايتحركون فلقد أقسموا أنهم لايتدخلون في قضايا الفساد الكبيرة.

ثم يأتيك ماهو أنكى من كل ما مر عندما يطل من على الشاشات عدد من الرؤوس التي قدر لحظ العراق البائس أن يتولوا قيادة سفينته الى الغرق ليعترفوا بعظمات ألسنتهم أنهم سارقون وفاسدون ومرتشون ثم تنتظر من يبادر الى تحريك الدعوى عليهم لكن بلا أمل في أن يحدث هذا. ويقر المتصدون لما يسمى بالعملية السياسية، وهي ليست كذلك بوجود مكاتب إقتصادية داخل كل وزارة تابعة للحزب الذي يتولاها أحد أتباعه تعمل على إستقطاع نسبة مئوية من مبالغ العقود التي تبرمها الوزارة إياها. لماذا يتم هذا؟ بأي مسوغ قانوني أو شرعي؟

وتظل تنتظر أن يأتيك الجواب لكن لن يأتيك وتنتظر من يبادر الى المسائلة لكن إنتظارك سيطول . بالله عليكم ماذا تسمون هذا؟ ألا يشبه مشهداً سريالياً غير معقول وخارج عن العقل والمنطق؟ ويضيق بؤبوي عينيك عسى أن تشاهد أملاً ما في نهاية النفق المظلم والآسن والمليء بالأفاعي والعقارب والذئاب لكن سيرتد اليك بصرك متعباً لأنه لا أمل يلوح في الآفاق.

 


مشاهدات 533
أضيف 2022/08/22 - 4:54 PM
آخر تحديث 2024/07/17 - 10:00 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 403 الشهر 7971 الكلي 9370043
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير