الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إخفاقات بنيوية في مساري الرعوية والديمقراطية

بواسطة azzaman

إخفاقات بنيوية في مساري الرعوية والديمقراطية

 

محمد صالح البدراني

 

الهجرة فرار أم قرار

إننا حين نتجه للسلوك ونفند بمساوئه فلن نصححه وإنما نقوم بدعاية مجانية للانحراف، وهو ما تفعله الأمة ومنظومتها الواعظة (مسيحيون ومسلمون ويهود متدينون) في دور العبادة أو عبر الإعلام، دوما يطرح شيء مخالف للمجتمع وعاداته لكن طريقة مقاومته لا تتجه لتصويب الفكر وإنما تناقش ما يطرح بسيناريو سلبي، ونماذج اليوم تفكيك الأسرة والمنظومة الأخلاقية بأمور مخالفة لكل الأديان، لكن ما جعلها تنجح هو الرعوية التي تثبط فاعلية تلك الأديان.

الغالب أن التوجه للحفاظ على الرعايا يركز التوجيه على التنفير من الأديان الأخرى، فعندما يحدث خلل فالشخص يتوجه إلى الإلحاد وهذا تضليل فعله رجال الدين بخروجهم عن فهم رسالة الأديان، أو تتوجه الخطب إلى الوكالة ومخاطبة الناس وكأنهم متهمون، فتتولد نفرة نفسية لمن أتى لواجب وليس جانحا عن الخط فما بالك من به جنوح، ناهيك عن التقليدية ومسايرة السلطة وضرب نموذج للخوف والتخلي خصوصا من المسلمين لكونهم الواجهة المسؤولة تاريخيا عن دور ضمان السلم المجتمعي، فالهجرة هي قرار متلبس بالفرار من الذات ومن يتابع وسائل التواصل يرى سلبية التلقين في رفض أبناء البلد لبعضهم ومن لقنهم  يظن انه حافظ على رعيته وهو أخرجها من الآدمية وحملها الكراهية بسوء آلية التوجيه.

هذه الصيغة من التلقين لا تشعر السامع بالانتماء لأنه يفقد الأمان النفسي فيكون تواقا للهجرة حيث يستقر ولا يفكر بالعودة إلى بلده لان الوطن هو ما تحس به بالاندماج والثقة والتواصل الإيجابي وبالتالي الأمان، أما صنع الكراهية عند العامة فهو يخلق هذا الانفصام والانعزال اللاشعوري عن الانتماء للأرض ومن الطبيعي أن يتوجه للترك بعقلية عدمية قد لا تساعده في بناء حياة سليمة حيث يهاجر، وربما صلته بأرضه هو كعلاقة البلبل بقفصه يريد الرجوع إليه عندما يحس بالخطر أو تواجهه صعاب في الغذاء، لكن وضع سلاح الكراهية بيد ناس عاديين في زمن الاتصالات المتطورة يقطع الجسور ويميت القيم.

واقع الديمقراطية القادمة مع الاحتلال

واقعا أن ما نقلته لنا الولايات المتحدة هو إصدار بلا أسوار أمان من ديمقراطية الحداثة وليس الحداثة طبعا فهذه لا تنقل ـــــ جوهرا ـــــــــــــ كما يتوهم البعض لأنها تاريخ كما قالت مارجريت تاتشر بيد أن ما نراه هو الواقع الصراع بلا تروس... ما يفرق هو الشعب بين شعب ارتقى وهو يتعامل مع نظام ينحدر وبين نظام نقل بسلبياته كقالب فلا فصل بين السلطات ولا ديمقراطية حقيقية وإنما فوضى شحن بضاعة مبعثرة تلقفتها أفواه جائعة متصورة أنها غذاء.

الولايات المتحدة حينما نقلت صياغتها فإنها نقلت صياغة ديمقراطية مبنية على فلسفة التخلي، ونلاحظ مليا ما نقلته بريطانيا الاستعمارية من صيغة برلمانية إلى شعب إلى البداوة أقرب، لكن الديمقراطية التي نقلت نجحت حتى أسقطها الانقلاب العسكري لتظهر الغوغاء والرعاع وكأنها لم تتعلم مما عاشت فيه لأسباب عدة منها إن لم تك هنالك خطوة فكرية للتطور وان الديمقراطية محض آلية لا ترتبط بفكر وكانت تجربة ناقصة.

لا الديمقراطية التاريخية نفعت ولا نفعت الديمقراطية الفلسفية التي تطورت لدرجة التشقق والتفكك واختلطت بها المعاني الأساسية والتي برزت بوضوح عند تطبيقها في العراق.

العقد الاجتماعي

الدولة في الأساس عقد اجتماعي كما يقال لكن الدولة الحداثية أضحت تتخذ دور الاله المنافق الذي يبدو كمحقق لاماني لا يمكنه تحقيقها لكنه يفرض طاعته ويحصر بيديه كل السطوة والقوة والتأثير.

الأحزاب التي اعتبرت كواقع حال عالميا، هي في اتجاهين اغلبها تعبير عن ايدلوجيا من قيمة متشابهة كما في معظم الدول الديمقراطية، وهنا تأخذ الأحزاب شكلا تنافسيا على برامج اقتصادية أو اجتماعية، لكنها بالنتيجة تستأثر بالقرار لزمن ما.

أو أنها أحزابا مختلفة ايدلوجيا كما في الدول المتخلفة فالعملية الديمقراطية ستجلب أناسا ليسوا مؤهلين لها وستشرعن شذوذ الأحزاب سواء بفرض ايدلوجيا معينة أو نمط حياة أو استغل للنفوذ، ومن خلال العملية الديمقراطية التي أنشئت في مجتمع اكثر صحة، تنتقل تلك الممارسة إلى مجتمع مريض ويحدث ما جعل فلاسفة الإغريق يبعدون النظام الديمقراطي المطلق عن كونه نظاما له أولوية واتخذوا الديمقراطية المقيدة وحصرت بمجالس الشيوخ من الخاصة واقتصرت الانتخابات على من له أهلية آنذاك من الأسياد والنخبة العقلانية واستبعد العبيد والنساء حينها، فلابد من شروط أهلية في بلداننا لتنجح الديمقراطية وليس نقلها تقليدا، فليس من الضروري أن يكون عدد كبير وإنما مجموعة من ذوي الاختصاصات ينسبون من مجالسهم البلدية للمركز لترشيد التشريع ورقابة فاعلة.


مشاهدات 462
أضيف 2022/08/06 - 5:44 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 8:57 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 370 الشهر 370 الكلي 9362442
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير