الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
وجهة نظر شخصية في حراك الصدر وتظاهراته

بواسطة azzaman

وجهة نظر شخصية في حراك الصدر وتظاهراته

 

محمد عباس

 

يبدو واضحاً أن السيد مقتدى محمد الصدر إتخذ قرارًا قبل وبعد إنتخابات 2021 بعزل القوى السياسية الشيعية الاخرى المنافسة، والمرفوضة من قبل غالبية الشعب، وحظي ذلك بمباركة دولية واقليمية معينة، تحديدًا بعد عدد المقاعد التي حصل عليها في الانتخابات، وهذه الدول أوعزت أيضًا الى حلفاءها من السنة والكورد للاصطفاف بهذا الاتجاه.

بعد إعلان نتائج الانتخابات وحصول الصدر على 73 مقعدًا، كان قادرًا على تحقيق كل ما يريد من مغانم السلطة، لو وافق فقط على اشتراك قوى الاطار معه، لكنه رفض ذلك، لأن قراره الذي اتخذه في عزل هذه القوى كان قرارًا نهائيًا لارجعة فيه.

فقام بسحب نوابه، لينتقل الى مرحلة أخرى في المواجهة، ويكمل خطواته نحو هدفه.

كما ذكرت آنفًا يبدو لي أن هناك اِرادة دولية لتحجيم قوى الاطار، أو جزء كبير منها، لكن ليس بطريقة المواجهة المباشرة بدايةً، إنما بترك الساحة مفتوحة أمامهم بدون دعم إستثنائي كما كان يحصل سابقًا، وتركهم ليقدموا كل ما لديهم، من تكتيك وأدوات سياسية، ويكشفوا آخر ما لديهم للجميع، وسينتهي عمرهم اتوماتيكياً بانتهاء محاولاتهم، حتى لو كانت المواجهة المسلحة ضمن خياراتهم ..!

تغير حقيقي

الشعب يتطلع يوميًا ومنذ سنوات الى التغيير الحقيقي، لكنه كان يصطدم دوماً بحقيقة ثابتة ألا وهي أننا أمام مجاميع شكلت كيانات داخل الدولة اشبه بالدولة العميقة، وتمتلك من السلطة والنفوذ والمال والسلاح، ما يقف عائقاً امام كل محاولات التغيير، وآخرها تشرين.

فما الحل؟ هل ننتظر أن تأتي قوة أخرى من السماء؟ أم ننام ونستيقظ ونجد أن تلك الكيانات تركت لنا البلد والسلطة ورحلت؟!

اليوم جاءت جهة قادرة أن تقدم نفسها كمعادل نوعي لتلك الكيانات العميقة، تمتلك الجمهور، والسلاح، والموارد والامكانيات التي تمكنها من الاستمرار والمطاولة..

ألا وهي التيار الصدري، لكن مشكلته أنه لايحظى بتاييد شعبي كبير خارج جمهوره، لأن كثيرًا من الشعب يعتقد بأن الصدر كان جزءًا من السلطة، ولا يضمن إمكانية الوصول الى بلد حر وديمقراطي قائم على المؤسسات ويحارب الفساد، بوجود الصدر!

هنا وحسب قناعتي الشخصية على الشعب ونخبه، أن لا يفكروا بطريقة الابيض والاسود لأنها لا تنفع في السياسة أولاً، وكذلك لاتنفع في وضع العراق الحالي، أمام تطلعاتنا في التغيير، وقراءة الفرص المتاحة.

وعلينا أن ندرك بأن الصدر في 2006 يختلف عنه في 2022 وهناك نضج فكري وسياسي مختلف عن السابق.إن حراك الصدر هو فرصة جديدة أصبحت واقع حال أمامنا، وليس من المنطق أن تمر أمامنا فرصة جديدة في العمل السياسي، ولا يكون لنا موقفاً تجاهها، لا يمكن أن نتعامل مع الفرصة بسكون تام، وكأنها غير موجودة، والمتحرك دوماً افضل من الساكن، تحديدًا في المشــــــــهد العراقي.

على الشعب وتحديدًا النخب أن توازن بشكل دقيق في مواقفها بين المصالح والمفاسد، وتنظر نظرة شاملة للمشهد السياسي الحالي بكل جوانبه.

ربما من الجيد أن لا نكون مع طرف ضد اخر، لكن بذات الوقت من الجيد أن نراقب تطورات الحراك الحالي، ونُحسن استثمار الفرصة بالوقت المناسب، لا أن نتعامل معاها بطريقة غض البصر!

التفاف اكبر

لو كان الصدر شخصية عسكرية مهنية، أو شخصية ليبرالية ولديه هكذا جماهير لوجدنا تعاطف العراقيين ككل معه أكبر، لكن كونه اسلامي، وغالبية الشعب لديه موقف منذ 19 عاماً من الكيانات الاسلامية،  الناس مترددة في تاييده والوقوف الى جانبه..!

ولو كان الصدر كوالده – رحمه الله، ولم يكن مشاركًا في نظام بعد  2003 لوجد التفافاً أكبر من الناس معه، لكن بذات الوقت لو لم يستثمر وجوده في السلطة ويصبح بهذه القوة لما تمكن من التصدي الآن لبقية القوى السياسة والتي تمتلك كيانات مساحة، وأصبح ربما مثل تشرين وتم استهدافه والقضاء عليه..!

أعود وأقول طموحاتنا الشخصية شيء، والواقع الســـــــياسي والتعامل مع الفرص المتاحة شيء آخر تماماً، وعلينا أن ندرك جيدًا الفرص والتحديات الحالية، ولا نقـــــــفز بعيدًا في أحلامنا، التي ليس لها أرضية كافية لكي تتـــــــحقق لا الآن ولا مستقبلاً.

هناك خشية من أمر آخر ألا وهو، التخوف من أن نصل الى حالة من الدكتاتورية الجديدة، ولسان حال البعض يقول، ديمقراطية مشوهه أفضل من دكتاتورية اقصائية ومستبدة!اقول هذا تخوف مشروع، ولكنه مستبعد لأن هناك عدة عوامل تمنع ذلك، وفي النهاية ما هدف الديمقراطية؟

الهدف هو توفير حياة كريمة لأفراد الشعب، وإلا فلا قيمة لها، وأي ديمقراطية وأي حياة وفرتها القوى المنافسة للصدر؟

لكي نخشى من تغيرها؟ ربما مهما كانت تخوفاتنا من التغيير فلن يكون أسوء مما مررنا به سابقًا.

بعد كل الحديث أعلاه عن حال الحراك الاخير والفـــــــرص المتاحة، وتخوفات الشـــــعب..وما الى ذلكنسأل ما هي السيناريوهات المتوقعة المقبله ؟الصدر أعلن بشكل واضح باننا سنذهب الى انتخابات مبكرة، وأعلنت عدة قوى سياسية تأيدها لذلك، بل إن بعضها بدأ بالتهيئة للانتخابات، ودراسة نوع وعدد جماهيرها، لتحدد نوع القانون الانتخابي الاكثر نفعاً بالنسبة لها، فيما لو تم مناقشة واقرار ذلك.

لكن لكي نخرج بنتائج جديدة وكما اشترط الصدر يجب ابعاد الفاسدين أو الوجوه القـــــــديمة (أو إبعاد من لا يرغب بهم الصدر) والا لاجـدوى من اعادة الانتخابات، اذا عادت قوى الاطار وحصلــــــت على ذات المـــــــقاعد..

لذلك المهمة الحالية والقادمة، هي إضعاف قوى الاطار جماهيرياً الى اقصى درجة ممكنة، وهذا قد حصل سابقًا في نتائج انتخابات 2021  ويحصل الان، وسيزداد تراجع عدد جماهير الاطار أكثر في  الانتخابات القادمة..

السؤال هل ستقبل هذه القوى بهذا التراجع؟ وتترك الساحة للصدر؟ ام ستلجأ الى الخيار الاخير وهو الصدام المسلح؟

ولو حصل هذا الصدام، هل أن الصدر مستعد للمواجهة؟

برأيي نعم، وفقاً للخطاب الأخير الذي أعلن فيه ذلك، عندما قال بأنه لن يكون سببًا في إقتتال، لكنه مستعد من حيث العدة والعدد.

وهنا برأيي وفي تلك اللحظة ستصطف معه أغلب القوى العسكرية الرسمية، وأغلب الشعب، وسيندحر الطرف الاخر..

لكن هذا خيار صعب ومؤلم وسيسبب لنا كشعب خسائر كبيرة لا محالة، لذلك لا نتمناه جميعًا، لكن التاريخ القريب والبعيد يقول لاتغيير بدون تضحيات، ولا إنهاء للحالة التي نعيشها، بدون مواجهة. وفي النهاية سيبقى النظام السياسي بشكله الحالي وكما تـــــــشكل بعد 2003 لكن ستتغير القوى الممثله له او المتمثلة فيه، وسنكون ربما أمام فرصة لتغيير نمط اداءه، ونوعية رجالاته ومخرجاته، وطبيعة تحالفاته الداخلية والخارجية، وعلى الشعب، والمتصدرين للــــشأن العام بشكلٍ خاص، أن يحددوا  موقفهم تجاه كل ذلك.


مشاهدات 388
أضيف 2022/08/06 - 5:43 PM
آخر تحديث 2024/06/24 - 9:36 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 276 الشهر 276 الكلي 9362348
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير