الآثار الإسلامية في الهند (3)
بصمات المماليك والمغول تتمثّل بالمعمار والأزياء
حمدي العطار
تعددت الروايات حول تسمية بلاد الهند فهناك من يرى ان هذه التسمية كانت تشمل كل الهند القديمة الكبرى ( الهند – باكستان- بنغلاديش - كشمير) اسم الهند عند العرب يأتي بمعنى (السيف) وتعني باللغة الفارسية (الفتاة القوية والفتاة الحسناء) وقد تكون اسم لجماعة (الابل) اما عن الهند كدولة فالاسم مشتق من (اندوس) وهي كلمة فارسية تعني (الهندوس) حيث كانت تستخدم لوصف الهنود، وفي اللغة السنسكريتية كان يطلق على الهند اسم "سييندو" حيث تعتبر التسمية التاريخية لنهر (أندوس) واطلق اليونانيون على الهند أسم "أندو" . بعد ذلك أقر الدستور الهندي أسم "بهرات" على البلاد نظرا للتوابل الهندية المشهورة فيها، والتي تعتبر رمزا من رموز الهند، ثم استقرت التسمية على (الهند) ، اما العاصمة دلهي والتي نقيم بها الان ونكتب عن المعالم الاثرية والمعابد والعادات والتقاليد فأسم دلهي يعني (الدهليز) وهي تشير الى ما يطلق عليه ( الحد) أو ( عتبة الهند).
بلد الالوان الزاهية
غالبا ما يجذبنا في ازياء الهنود الالوان الصارخة الغريبة، وهناك ما يرجعها الى معتقدات دينية مثل اللون البرتقالي المقدس عند بعض الديانات (السيخية والبوذية والهندوسية) لكن لهذه الالوان قصة أخرى، فليس اللون البرتقالي هو السائد بل كل الالوان الحارة والقوية تجدها في الشارع الهندي يرتديها المسلم والهندوسي والسيخي والمسيحي واليهودي والبوذي وهي تعد ملابسهم وأزياءهم الشعبية حتى من يزور الهند لا بد ان يشتري الزي الهندي ويلتقط به الصور التذكارية بالساري الهندي ويحتفظ به كزي شعبي جميل!
القصة التي اعتقد انها جعلت هذه الازياء تكون بهذا الشكل بينما كان الهنود يرتدون جميعهم وبكافة طوائفهم (اللون الابيض) عندما تولى الحكم في الهند المملوك – شمس الدين التتمش- وهو احد المماليك البارزين وحكم البلاد من سنة 1216 – 1236 ولم يهزم امام الجيش المغولي واعترفت به الدولة العباسية كحاكم على ولاية الهند وكانت له قدرة على الادارة والتنظيم ورغبة في إقامة العدل وإنصاف المظلومين ويعرف عنه بإنه أمر أن يلبس كل مظلوم ثوبا( مصبوغا ) بلون صارخ لكي يراه ويسمع منه وينصفه، فأخد الفقير والمظلوم والجائع والعاطل عن العمل يصبغون ملابسهم بهذه الالوان البراقة وعندما ما يمر (شمس الدين التتمش) ويجد هؤلاء ويبعث في طلبهم ويحل مشاكلهم! وما اكثر الظلم والفقر في الهند وشيئا فشيئا اخذ يزداد انتشار الملابس الملونة ويقل ارتداء الملابس البيضاء!وبدلا ان تعبر الازياء الملونة عن الفقر صارت تعبر عن الاحتفالات والمهرجانات والاعياد والاعراس وكل المناسبات السعيدة!
أثار الدولة الغورية
قامت الدولة الغورية المسلمة في الهند على أنقاض الدولة الغزنوية التي كانت تحكم بلاد الغور والافغان،وقد استعان السلطان "محمد الغوري" بالمماليك الذين كان يشتريهم لأستخدامهم بالحروب، ويهتم بمن تؤهله موهبته للقيادة ومناصب الحكم، وعرف من بين هؤلاء المماليك (قطب الدين إبيك) ولاه الغوري ولاية دلهي. وتنسب له في دلهي بناء مسجد رائع ذومنارة سامقة بإرتفاع 72.5مترا زرنا هذا الموقع الاثري المدهش بنقوشه وهيبة بناءه، والبناء المعماري يعد تحفة فنية ما يزال يمثل معلما سياحيا بإمتياز، وفي عهده تحولت دلهي الى عاصمة لدولة سلاطين المماليك بعد اغتيال السلطان الغوري عام 1206 ولم يترك ولدا ليرثه ، فترك الهند للمماليك من بعده ولم يهنأ قطب الدين ايبك بما هيأته له الظروف فقد لقى حتفه هو الاخر أثر وقوعه من على ظهر فرسه سنة 1210م وقد خلده هذا الصرح العظيم.
اول شاهد اسلامي في الهند
زرنا هذا المعلم التاريخي الذي يقع بمنطقة (مهرولي) ، وتعد منارة قطب الدين الاطول من نوعها في الهند وهي اطول المنارات في العالم الاسلامي ، وتعتبر اول شاهد على دخول الحضارة الاسلامية الى الهند وقد سجلت في قائمة اليونسكو بادراجها المعلم في قائمة التراث العالمي ،وتعد من عجائب الابنية في الهند .
المسجد الكبير (قوة الاسلام)
وبني من احجار حمراء التي اقتلعت من معابد هندوسية كانت قريبا منه بينما اكملت المستويات الاخيران بالرخام الابيض وجدران المبنى مزخرفة بالنقوش والآيات القرأنية، وفي عهد السلطان شمس الدين ألتمش
خليفة قطب الدين قام بزيادات على مسجد قوة الاسلام ، وتوالت الزيادات على المسجد ليصبح ارتفاعه 100 متر، ومثل الهيكل برجا للنصر او نصبا تذكاريا يدل على قوة الاسلام في الهند.
العمود الحديدي
شاهدنا ضمن هذا المجمع الاثري عامود حديدي وقد اثارت فضولنا وسالنا المرشد السياحي عنه ، فقال هذا العمود الحديدي يبلغ ارتفاعه 7 أمتار ويزن اكثر من ستة اطنان وجوظيفته توفير المعرفة الفلكية في الهند ولم يتعرض هذا العامود الى الصدأ.
ومن منجزات المماليك في الهند هو سك نقود ذهبية تزن 11.15 جرام لم يبق منها الان الا قطعتين فقط!
اشياء تثير الاعجاب
تابعنا حركة وسائل النقل ومنها اكتشفنا مدى دقة العمل الاحصائي في الهند فكل الستوتات والدرجات النارية تحمل ارقاما كما في لوحات السيارات وهذا جزء بسيط منن ضبط الامن والسلامة المرورية في شوارع دلهي، وعلى العراق الذي يستورد الستوتات والدرجات النارية من الهند – احيانا- ان ينقل هذه التجربة الفريدة،على الاخص ان اغلب الاغتيالات تتم من قبل راكبي الدرجات النارية لذلك منعت وزارة الداخلية ان يكون اكثر من شخص على الدراجة الواحدة وهو اجراء لم يحقق هدفه!
كما لاحظنا جلوس النساء على الدرجات النارية يوحي بهويتهم الدينية فالمرأة المسلمة لا تفتح ساقيها وتجلس خلف السائق، بل تجلس بشكل جانبي! اما المرأة غير المسلمة فتفعل ذلك. ا
والصور تدل على ذلك.
بتبع