الأعلامي وسيكولوجيا اللغة (2)
قاسم حسين صالح
تذكير
اشرنا في الحلقة الأولى الى ان معظم العاملين في الاعلام العراقي لا يعرفون ما يخصهم عن سيكولوجيا اللغة مع انها سرّ نجاح او فشل المذيع ومقدم البرامج والصحافي ايضا،ووعدنا بتقديم ما توصلت له الدراسات التي انشغل بها علماء نفس اللغة عبر هذه الصفحة بهدف ان يكون الاعلامي العراقي مؤثرا ومميزا.
فهم الكلام.. يتحدد ضمن اطر
وسيلة الأعلامي في التواصل مع الناس هو الكلام.ونفيده هنا بأن الدراسات اللغوية توصلت الى ان فهمنا للكلام يتحدد ضمن اطر معينة نوجزها بالآتي :
ان الكلام لايتم ادراكه كسلسلة من مقاطع صوتية منفصلة،بل ان المستمع يتنبأ بما سيقال له.ففي احدى الدراسات طلب الباحث من المجموعة التي اجريت عليهم التجربة ان يقولوا ما يسمعونه من صوت مسجل وبأسرع ما يستطيعون،فوجد ان الفرق بينهم وبين صوت المسجل لا يزيد عن 0,25 من الثانية ، وهي سرعة فائقة يصعب علينا تصور قيام الفرد دون توقعه لما سيقال له في جملة.
ان الانسان نظام باحث عن المعلومات،وهذا ينطبق لدى سماعنا للغة. فلو طلبنا من الشخص متابعة اشياء لغوية في احدى الاذنين واهمال جملة مفيدة في الاذن الاخرى فانه سيهمل ما طلب منه متابعته وينتبه الى الجملة المفيدة.
يجري تحليل الكلام في مراحله الاولى دون وعي الفرد. فقد اشارت احدى الدراسات الى ان الفرد يحلل الجمل التي يطلب منه اهمالها اولا" ثم يهملها أو يستبقيها استنادا لقرار لاحق.
ولقد ظهر من دراسة الغموض في الجمل نتائج مثيرة حقا".فلقد وجد احد الباحثين اننا اذا اسمعنا اشخاصا" جملة يمكن ان يكون لها معنيان مختلفان وطلبنا منهم اكمالها فأنهم يستغرقون وقتا" اطول من الجمل التي لا تحمل الغموض.فلو طلبنا منك ان تكمل الجملة الاتية:
وبما انني اعرف ان زيارة الاقارب قد تكون مزعجة ، فقد ......"
فأنك ستستغرق في اكمالها وقتا اطول من الجملة الاعتيادية. ذلك ان الجملة اعلاه يمكن ان تفسر بطريقتين :
ان زيارة الاقارب لي قد تكون مزعجة.
غرفة اخبار
ان زيارتي للاقارب قد تكون مزعجة.
وهذه مسألة مهمة جدا للعاملين في الاذاعة والتلفزيون والسينما وللمحررين في غرفة الأخبار،في ان تكون الجمل التي يستعملونها لا تحمل الغموض الا اذا كان هناك قصد محدد لهذا الغموض. فلقد خرجت الدراسات التي تناولت هذا الموضوع بعدد من الاستنتاجات بينها:
عندما يجابه الفرد جملة غامضة فانه يستخرج منها معاني متعددة.
يحاول المستمع ان يرسو على اكثر التفسيرات احتمالا مستعينا بالمضمون الكلي.
واذا لم يحل الغموض نفسه في منتصف الجملة فانه يأخذ باحد الاحتمالات ويلتزم به.
واذا تبين ان التفسير الذي اعتمد عليه الفرد لم يكن التفسير المقبول، يستعيد الجملة من ذاكرته ويعيد التفسير من جديد.
والغالب عند العراقيين انهم اذا واجهوا موقفا من هذا القبيل فانهم يغيرون القناة او المحطة مصحوبا بتعليقات عراقية ساخرة من قبيل (شديخربط هذا، او..دروح من عابتلك!).
في الحلقة الثالثة.
{ مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية