معارضة ثقافية

الفعاليات الثقافية والديمقراطية

علي الشلاه

كانت التجارب السلطوية التي خاضها المثقفون في الدول الشمولية مريرة ومكلفة ومثار ندم لسنوات طويلة وربما لأعمار كاملة ، ولعل تجربة مشاركة المبدعين العراقيين في الفعاليات الثقافية التي اقيمت في عراقهم منذ مطلع السبعينات حتى سقوط الدكتاتورية من اكثر التجارب سلبية وسوداوية .

 فالدولة الشمولية لاتحترم الثقافة وأبعادها الحضارية ولا اثرها في وعي وسلوك الناس افرادا ومجتمعات ، بل  تنظر اليها كوسيلة من وسائل الدعاية لانظمة دكتاتورية وربما لشخص الدكتاتور نفسه فقط وتصبح شركا لتوريط مثقفين عراقيين وعربا وأجانب احيانا في متواليات المديح الزائف لقتلة مجرمين ونظام قادم من القرون الوسطى ومقيم فيها، وكلنا يتذكر كيف جيش الشعراء العراقيون والعرب للدفاع عن عدي صدام حين قتل احد حمايات ابيه تزامنا مع أحدى دورات مهرجان المربد ومسرحية سجنه الفجة حتى قارنهما عبد الرزاق عبد الواحد بابراهيم الخليل وولده اسماعيل بقوله ..

ولم يقل رب اسماعيل خذ دمه .. لكن فداه ، الا تفديه يارجل

 ومن عملي ومشاركتي بعشرات الفعاليات الثقافية العالمية الكبيرة في القارات كلها ، فقد تأكدث لي حقيقة مفادها ان الفعاليات الكبرى الناجحة عالميا فعاليات تقوم بها مؤسسات ثقافية مختصة بنوع الفعالية ولا تتدخل الحكومات الا داعمة ومسهلة للفعالية، وان الاوطان وثقافاتها هي من تستفيد من هذه الفعاليات الهامة.

 تصوروا لو ان الرئيس بايدن يتدخل بنتائج الاوسكار او الرئيس الفرنسي بنتائج مهرجان كان او جائزة غونكور او الحكومة السويدية بجوائز نوبل ، فما هي المفاهيم التي ستشيع عالميا من هذه الفعاليات والجوائز بعدها ؟

 لذا لابد ان نغادر عراقيا المفاهيم والرؤية الدعائية لمهرجانات الدكتاتورية وان تظل الحكومة داعمة للثقافة غير متدخلة بتفاصيلها الموضوعية فحين تقول عالميا عن مهرجان ما (  هذا مهرجان حكومي )

فذلك اكبر نقد سلبي يوجه له وليس مدحا كما يفهمه الاعراب ودكتاتورياتهم العتيدة والذي ما زال بعضنا يظنه صوابا بعد عقدين من سقوط دكتاتوريتنا الفاقعة .الثقافة هوية أمة وسمة شعب تعكس رقيه وحضارته .