الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
كامل شياع في‮ ‬ذكرى إستشاده.. قتلوه لأنه‮ ‬يحمل مشروعاً‮ ‬وطنياً

بواسطة azzaman

كامل شياع في‮ ‬ذكرى إستشاده.. قتلوه لأنه‮ ‬يحمل مشروعاً‮ ‬وطنياً

قاسم حسين صالح

تعريف موجز
‮ ‬ولد كامل شياع في‮ ‬1954 وغادر العراق في‮ ‬1979 الى بلجيكا مضطرا اثر بدء حملة تصفية كوادر الحزب الشيوعي‮. ‬توجه الى الجزائر ليعمل مدرسا للغة الانجليزية‮ ‬،ثم ايطاليا،‮..‬واصدر قاموسا انجليزي‮ ‬– عربي‮ - ‬ايطالي‮.‬حصل عى شهادة الماجستير من جامعة لوفان الكاثولوكية عن اطروحته اليوتوبيا كموقف نقدي‮   ‬ونال عليها درجة امتياز.عمل صحفيا وكتب في‮ ‬الحياة اللندنية ومجلة مواقف والثقافة الجديدة‮ ‬،واذاعيا براديو ار تي‮ ‬الدولي‮  ‬في‮ ‬بروكسل‮ .‬عاد الى العراق في‮ ‬2003 وعين مستشارا في‮ ‬وزارة الثقافة العراقية في‮ ‬السنة ذاتها‮. ‬عضو المكتب السياسي‮ ‬للحزب الشيوعي‮ ‬العراقي‮ .‬
الواقعة‮:‬
‮ ‬في‮ ‬الساعة الثالثة من بعد ظهر‮ ‬23 آب‮ ‬2008 وعلى طريق محمد القاسم وسط العاصمة بغداد،‮ ‬أغتيل المستشار بوزارة الثقافة الشهيد كامل شياع برصاص مسلحين من مسدسات كاتمة للصوت‮.. ‬وسجّل الحادث ضد مجهول‮.‬
‮    ‬في‮ ‬العام‮ ‬2004?كنت عضوا في‮ ‬هيأة الرأي‮ ‬بوزارة الثقافة التي‮ ‬كان‮ ‬يرأسها الصديق مفيد الجزائري،‮ ‬اذكر منهم الدكتور خزعل الماجدي‮ ‬والأستاذ محمد عبد الجبار الشبوط‮. ‬تقدم نحوي‮ ‬شاب بشوش الوجه وسلم عليّ‮ ‬كأنه‮ ‬يعرفني‮ ‬من سنين‮.‬
دخلنا‮ ‬غرفته في‮ ‬الوزارة‮.. ‬كانت لا تتعدى مساحتها‮ ‬3 في‮ ‬4 مترا‮ ‬،اقتطعت من ممر بحواجز خشبية‮.. ‬لتكون مكتب مستشار وزارة الثقافة‮!.. ‬الأديب كامل شياع عبد الله السوداني‮.‬
توثيق صداقة‮ ‬
توثقت الصداقة بيننا‮ ‬يوم عملنا معا في‮ ‬التحضير لأول مؤتمر ثقافي‮ ‬تقيمه وزارة الثقافة بعد التغيير،‮ ‬حضره مثقفون وفنانون ومفكرون من محافظات العراق كافة،‮  ‬وحدث في‮ ‬قاعة المؤتمر أن اصيب الراحل الفنان الكبير جعفر السعدي‮ ‬بوعكة صحية‮..‬وخرج بتوصيات لو أنها اعتمدت لاستعادت الثقافة العراقية دورها الريادي‮ ‬عربيا وعالميا‮.‬
‮  ‬كان كامل‮.. ‬كامل الأخلاق‮.. ‬ودودا هادئاً‮ ‬بقلب مفعم بالمحبة وعقل مزدهر بالفكر‮. ‬فبعد ان عمل في‮ ‬الجزائر مدرّسا للّغة الانجليزية،‮ ‬توجه في‮ ‬1983 نحو مدينة لوفان الايطالية ليحصل منها على شهادة ماجستير فلسفة في‮ ‬موضوع اليوتوبيا‮ ..‬معيار نقدي،‮ ‬ويؤلف قاموسا انجليزي‮ ‬– ايطالي‮ ‬– عربي‮ ‬للسائحين ورجال الأعمال‮.. ‬ولتتنوع لديه مجالات المعرفة،‮ ‬من الفلسفة أم العلوم الى السينما والمسرح والفن التشكيلي‮.. ‬اوصلته الى ان‮ ‬يحقق مكانة مرموقة بين الجاليات العراقية في‮ ‬بلدان المنافي‮ ‬واوربيين من جنسيات متنوعة،‮ ‬ومكنته ان‮ ‬يكون محاضرا مطلوبا في‮ ‬الندوات والمؤتمرات الثقافية وصاحب برامج في‮ ‬راديوأف،‮ ‬آر،‮ ‬تي‮ ‬الدولي‮ ‬في‮ ‬بروكسل وقسم التلفزيون الدولي‮ ‬لوكالة اسوشيتد برس‮ ‬،‮ ‬وكاتبا لصحيفة الحياة اللندنية ومجلات‮ :‬الوسط‮ ‬،ومواقف،‮ ‬والثقافة الجديدة التي‮ ‬يصدرها الحزب الشيوعي‮ ‬العراقي‮ ‬والتي‮ ‬عمل فيها كامل من‮ ‬يوم كان عضوا في‮ ‬الحزب في‮ ‬سبعينيات القرن الماضي‮ ‬الى ان صار عضوا في‮ ‬مكتبه السياسي‮.‬
‮  ‬كان من بين أهم مؤلفاته تأملات في‮ ‬الشأن العراقي‮ ‬وقراءات في‮ ‬الفكر العربي‮ ‬والاسلامي‮ ‬والفلسفة ومفترق ما بعد الحداثة،وأخرى‮ ‬يعمل اخوه فيصل على توحيدها وتقديمها للطباعة‮.. ‬واخرى تعطيك اليقين بان كامل شياع كان مثقفا من طراز رفيع‮.. ‬واستنتاجا مأسويا،‮ ‬ان كل مثقف منفتح‮ ‬يعمل على استعادة دور الثقافة العراقية في‮ ‬بناء الانسان والمجتمع واشاعة ثقافة الحب والجمال والحياة،‮ ‬يكون هدفا للتصفية من سلطة احزاب اسلامية اعتبرت العراق‮ ‬غنيمة لها وتقاسمت مؤسساته بين عوائل قادتها‮! ‬،بدأتها مبكرا بالمفكر قاسم عبد الأمير عجام في‮ ‬بابل‮ ‬2004، مرورا بعلاء مشذوب في‮ ‬كربلاء‮ ‬2009 ،‮ ‬وصولا الى الدكتورة رهام‮ ‬يعقوب في‮ ‬البصرة‮ ‬2020 ‮ ‬و الشهيد ايهاب الوزني‮ ‬2021.. ‮ ‬الى الأسماء التي‮ ‬كتبت على لافتات المتظاهرين انا الشهيد التالي‮!..‬وصاروا بالمئات‮..‬يوم تعاملت احزاب السلطة مع المتظاهرين الشباب وكأنهم قوما‮ ‬غزاة‮!‬
مشروع شهيد
ومع ان كل مثقف تقدمي‮ ‬هو مشروع شهيد في‮ ‬ظل قادة احزاب وكتل سياسية مصابة بحول عقلي،‮ ‬ومنغلقة على معتقدات ماضوية وخرافية،‮ ‬ومأزومة بعقدة الضحية التي‮ ‬تبرر لها الاستفراد بالسلطة والثروة،‮ ‬الا ان خوفي‮ ‬عليه دفعني‮ ‬الى ان انصحه بمغادرة العراق في‮ ‬الوقت الحاضر،‮ ‬فكان جوابه لي‮ ‬انه عاد برسالة عليه ان‮ ‬ينجزها وان كلفته حياته‮.. ‬وكانت رسالته‮: ‬ايمانه بأن الثقافة هي‮ ‬التي‮ ‬تمنح الانسان الوعي‮ ‬في‮ ‬صنع حاضر ومستقبل العراق،‮ ‬وتجعل الآخرين مثله‮ ..‬يعشقون الحياة والحب والجمال‮.‬
‮ ‬وكان اوجع لقاء به‮ ‬يوم فارقنا الأديب الكبير والأكاديمي‮ ‬المرموق الصديق الراحل الدكتور عناد‮ ‬غزوان‮. ‬افجعني‮ ‬خبر موته،‮ ‬فاسرعت لأصل بيته مبكرا في‮ ‬مدينة الشعب‮..‬
‮ ‬كان مسجى في‮ ‬تابوته تعلو وجهه ابتسامة لا تفارقه استحضرت لحظتها نكاته‮ ‬يوم كنا معا استاذين زائرين بجامعة صنعاء باليمن‮. ‬وكنا بداخل الغرفة ستة‮.. ‬نرفع التابوت مكبرين ونعيده مهللين مغردين بدموع احبة مفجوعين‮.‬
‮  ‬وحين حانت لحظة التشييع واكتمل المشيعون،‮ ‬اتصلت بكامل لأبلغه بضرورة الحضور ممثلا لوزارة الثقافة،‮ ‬وكان‮ ‬يومها الأمن مفقودا وخطر جدا على شخصية مستهدفة مثله‮. ‬بعد اقل من ساعة وصل كامل ليشارك في‮ ‬موكب التشييع‮..‬رغم انه ما كانت له صلة معرفة شخصية بالعالم الكبير عناد‮ ‬غزوان‮.‬
وافترقنا على أمل ان نلتقي‮ ‬ليفجعني‮ ‬خبر استشهاده‮..‬والأوجع ان الحكومات المسؤولة عن حياة مواطنيها لم تصل طوال‮ ‬13 سنة الى قتلة كامل‮.. ‬لتسجل كلها ضد مجهول،‮ ‬من كامل شياع وعلاء مشذوب الى رهام‮ ‬يعقوب،وايهاب الوزني‮.. ‬الى التالي‮ ‬الذي‮ ‬قد‮ ‬يكون أنت أو أنا‮!‬


مشاهدات 326
أضيف 2021/08/25 - 10:54 PM
آخر تحديث 2024/07/19 - 6:01 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 219 الشهر 8208 الكلي 9370280
الوقت الآن
الجمعة 2024/7/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير