الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الفساد في العراق .. أسبابه وأنواعه

بواسطة azzaman

الفساد في العراق .. أسبابه وأنواعه

 

سامي الزبيدي

يصنف العراق وفق تقارير لمنظمات دولية متخصصة بهذا الجانب على أنه من أكثر دول العالم فساداً  وهذا التصنيف نتيجة طبيعية بعد سيطرة الأحزاب والكتل (الإسلامية )الطائفية على المشهد السياسي في البلاد يعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 الذي مهد بل وخطط لوصول هذه الأحزاب وأشباه السياسيين على  جميع المناصب المهمة في الدولة والحكومة  وعلى المتابع ان يتصور ماذا يفعل  اللصوص عندما يسيطرون على مقاليد الأمور في بلاد من أغنى دول المنطقة حيث الأموال الطائلة والثروات الكبيرة وحيث النفوذ والسلطة بأيديهم وهم  لا تمتلكون أية خبرات أو تجارب في قيادة  وإدارة بلد بحجم العراق الغني والعائم على بحيرات من النفط ناهيك عن الثروات الطبيعية الأخرى وهؤلاء السياسيون وأحزابهم لم  يقودوا محافظة ولا قضاء أو ناحية أو حتى قرية سابقاً فوجدوا أبواب خزائن العراق  مشرعة أمامهم  وأمواله وثرواته الكبيرة بين أياديهم  فماذا يفعلون وهم اللصوص والجياع  والمحتاجون والمفلسون غير السرقة والفساد والنهب , ولكي يمهدوا الطريق أمامهم لعمليات الفساد والسرقة قاموا  بإقصاء الخبرات والكفاءات العراقية المتخصصة ذات الخبرات والتجارب الكبيرة والإمكانات والقدرات المهنية  والأكاديمية العالية في جميع المجالات العلمية والاقتصادية والمالية والصناعية والزراعية والتعليمية والصحية وفي التخطيط والبناء والأعمار وغيرها من المجالات تحت مسمى قانون اجتثاث البعث الذي تم تسييسه فحرق الأخضر واليابس وهمشوا وهجروا واغتالوا العديد من الكفاءات الغير مشمولة بالاجتثاث ليسيطروا على كل المناصب الحكومية ومناصب الدولة الأخرى بعد انتخابات هزيلة زورت نتائجها لصالح  أحزاب وكتل محددة  مدعومة من الأمريكان , والمشكلة ان قادة وأعضاء هذه الأحزاب  لا يملكون والوسائل ولا الإمكانيات ولا القدرات الشخصية والعلمية والمهنية والفنية  لإدارة شؤون البلاد ووزاراتها ومؤسساتها فأصبحت هذه الوزارات والمؤسسات بأيدي غير كفوءة وغير أمينة وسلمت قيادتها الفعلية لصغار الموظفين فعمت الفوضى البلاد وعم الفساد والسرقات الكبرى لأموال الشعب وثروات الوطن بعد ان ألغيت الرقابة على عمل الوزارات والمؤسسات أو سلمت هي الأخرى الى الأحزاب المتنفذة فمن يراقب من ومن يحاسب من فاستشرى الفساد في كل مفاصل الدولة وأجهزتها ووزاراتها ومؤسساتها ووصل حتى الى الأجهزة الأمنية والعسكرية التي باتت  هي الأخرى  تحت قيادات حزبية غير مهنية وغير أكاديمية ولا خبرة لها في هذه المجالات فضاع الخيط والعصفور كما يقول المثل العراقي وبالإضافة الى الفساد  والسرقات ونهب الثروات وسوء الخدمات .

اعمال ارهابية

فقد العراقيون حتى الأمن والأمان وتصاعدت أعمال الإرهاب  خصوصاً التفجيرات بالعجلات المفخخة والعبوات الناسفة والاغتيالات  لتحصد يومياً عشرات الأرواح البريئة من أبناء الشعب الذي خدع بهؤلاء السياسيين  وضاق ذرعاً بأفعالهم فساءت أحوال البلاد والعباد كثيراً ,وهكذا فكل وزارة تأتي وكل مجلس نواب يأتي بعد انتخابات صورية تشوبها عمليات تزوير كبيرة لكي  تبقى الأحزاب والكتل الطائفية سيدة المشهد السياسي والاقتصادي والمالي  والأمني في البلاد  وبيدها السلطة والنفوذ فلا هموم المواطنين واحتياجاتهم ولا مصالح الوطن وسيادته وأمنه لها مكانة في أجندة هؤلاء  السياسيين والمسؤولين وقادة الأحزاب والكتل لكن الشغل الشاغل لهؤلاء هو الفساد والسرقة  والاستحواذ على أكبر ما يمكن من أموال العراق بعد ان يتم تقاسم المناصب في الدولة والحكومة وفق المحاصصة الحزبية والطائفية البدعة التي اتفق عليها قادة هذه الأحزاب والكتل لتضمن سطوتهم وسيطرتهم على كل منصب مهم وكل شئ في هذا البلد هذه البدعة التي دمرت البلاد والعباد وأكثرت فيه الفساد والسرقات , ثم ان كل الأجهزة الرقابية كهيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية وديوان الرقابة المالية والمفتشون العموميون يتم تقاسم مناصبها وفق المحاصصة أيضاً فهي تابعة للأحزاب المتنفذة وتأتمر بأوامرها فكيف تراقب وتحاسب وتدقق وهي التي وصل إليها الفساد وصار جزءاً من  عملها حتى باتت تتستر على الفساد والفاسدين  وتخفي ملفات الفساد الكبيرة التي أبطالها سياسيون كبار وصغار ومسؤولين حكوميين والتي  يثيرها بين فترة وأخرى  نائب نزيه أو سياسي مستقل  بعد عناء كبير ومضايقات وحتى تهديدات لكي يصلها الى هيئة النزاهة أو الى البرلمان للتحقيق فيها غير ان هذه الجهات المسيسة تسكت صوته وتخفي جريمة السارق والفاسد ليبقى يمارس فساده وسرقاته بأريحية تامة (فمن أمن العقاب أساء الأدب)  كما يقول المثل وحتى القضاء والادعاء العام تم تسييسه  واخضع لسلطة الحاكم المتنفذ وحزبه وائتلافه وعليه فالفاسدون والسراق في مأمن من القضاء ومن الحساب وهكذا أصبح الفساد سمة كل الحكومات المتعاقبة يسلم دورياً من حكومة الى أخرى من نفس الحزب كأنه وديعة مهمة  يجب الحفاظ عليها ويتم تقاسم المناصب الحكومية ومناصب الدولة الأخرى والهيئات التي تسمى مستقلة ومناصب لجان مجلس النواب بين الأحزاب والكتل محاصصة حتى غرقت البلاد في الفساد والسرقات الكبرى لموازنات الدولة وأموال مشاريع البناء والأعمار ولأموال عائدات النفط بل سرق حتى النفط والثروات الأخرى واستمرت الأمور على هذه الحالة منذ الاحتلال الأمريكي للعراق الى يومنا هذا حتى نهبت كل أموال العراق وسرقت عقارات الدولة وأراضيها وعقارات أركان النظام السابق وأملاكهم وأموال أعمار الكهرباء ومشاريع  الأعمار والبناء الأخرى  والأموال المخصصة لاستيراد احتياجات الدولة وإكمال البنى التحتية للبلد وأموال المستشفيات والتعليم والخدمات البلدية والخدمات الأخرى والأموال الكبيرة التي تخصص سنوياً لاستيراد مفردات البطاقة التموينية سلة غذاء الشعب المحروم حتى أنهكه الفقر والجوع  والأمراض والبطالة والظلم نتيجة فساد وسرقات من يسمون أنفسهم بالساسة .

سرقة كبيرة

وتمكنت الأحزاب والكتل المتنفذة بعد سرقاتها الكبرى لأموال العراق من تأسيس هيئات اقتصادية ومالية خاصة بها لتدير أعمال شركاتها ومؤسساتها الاقتصادية وثرواتها الكبيرة التي كونتها من سرقات أموال الشعب وأموال الدولة ومن عمليات والفساد والصفقات المشبوهة وحصصها من عمولاتها في كل صفقة ومشروع حتى أصبحت تملك من الأموال والشركات ما يفوق أموال الدولة , تلك هي أهم أسباب الفساد وتفاقمه في أجهزة الدولة ومؤسساتها , وبعد أن تشعب الفساد واستشرى   في كل مفصل وكل وزارة وكل مؤسسة وكل دائرة من دوائر الدولة وأصبحت للفساد مافيات كبيرة وخطيرة  وبفضل هذه المافيات ورؤوس الفساد الكبيرة وحيتانه  من السياسيين والمسؤولين المتنفذين ظهرت ونمت أنواع  عدة من الفساد أذكر أهمها وأخطرها على مجتمعنا وبلدنا وهي:

1 . الفساد المالي وهو ما يسرق من أموال الدولة وموازناتها  ومشاريعها الوهمية والعمولات الكبيرة التي يأخذها السياسيون والمسؤولون من الشركات والمقاولين وان كانت على حساب نوع العمل والمواد وجودتهما وعمليات الرشوة المنتشرة في كل دوائر الدولة ومؤسساتها ووزاراتها .

2. الفساد الإداري وأبشع صوره المحاصصة الحزبية والطائفية في تقاسم المناصب في الدولة وأجهزتها وفي السلطات التشريعية والقضائية وتقاسم المناصب في الوزارات والمؤسسات وفي الحكومات المحلية للمحافظات بين الأحزاب المتنفذة وحصر التعيينات في وظائف الدولة بالأحزاب المتسلطة وأعضائها وعوائل  المسؤولين والسياسيين  ومقربيهم وحواشيهم  أو بيع المناصب المهمة  في الدولة حتى العسكرية والأمنية منها بمبالغ كبيرة جداً تدفع لمسؤولين كبار ومعاونيهم ولكي يسترد من يشتري المنصب أمواله التي دفعها لشراء المنصب فهو يمارس أبشع وأكبر عمليات الفساد والسرقة وهكذا يعم الفساد كل مؤسسات الدولة وأجهزتها .    

فساد سياسي

3. الفساد السياسي وهو نتيجة مباشرة لهيمنة الأحزاب المتنفذة على السلطة والنفوذ وعلى كل أمور البلاد السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية وممارستها الفساد والسرقة والمحاصصة والمحسوبية والمنسوبية وإسناد المناصب لأعضاء الأحزاب والكتل المتسلطة و(لذوي القربى)  بغض النظر عن الكفاءة والاختصاص والتحصيل العلمي إضافةً الى خيانة الأمانة  واستغلال المنصب لأغراض شخصية وعائلية وحزبية وعمليات تزوير نتائج الانتخابات وعمليات التزوير المفضوحة للشهادات الدراسية للسياسيين والمسؤولين وأبنائهم .

 4 . الفساد بغطاء الدين والمذهب وهو أخطر أنواع الفساد عندما يتستر الفاسد بالدين ويجعل منه وسيلة للسرقة والإثراء غير المشروع  فالبعض يستغل مكانة عائلته الدينية ومركزه الاجتماعي لخداع الناس واضهار تمسكه بالدين ودفاعه عن المذهب والعمل على خدمته وهو يمارس الفساد في أبشع صوره  وأعلى درجاته , وبعضهم  يلبسون لباس الدين وعمامة الدين  في العراق لإخفاء سرقاتهم وفسادهم وخداع الآخرين وعندما يذهب الى البلد الأجنبي الذي يحمل جنسيته أو عندما يسافر للنزهة والترويح يلبس (الجينز والتيشيرت) ومنهم من يعمل على تشويه الشعائر الدينية خصوصاً الشعائر الحسينية لمآرب شخصية وطائفية حتى وصل الأمر ببعضهم  الى تحريف ثورة الإمام الحسين العظيمة ضد الظلم والفساد فادخلوا عليها الخرافات والخزعبلات الغير مقبولة لثورة ونهضة عظيمة كثورة الحسين (ع) واخترعوا وادخلوا الممارسات البعيدة عن الدين والمذهب  والمنطق والعقل وعن سلوك وأخلاق أهل البيت (ع)  لخداع السذج والبسطاء من الناس الذين يقدسون هذه الشعائر ويجلون أهل البيت و يحترمون لباس الدين وهيئة رجل الدين لكسب ود هؤلاء البسطاء وعلى حساب الدين وأهل بيت النبوة  فهل يخطر ببال أحد ان البعض من هؤلاء السياسيين يستغلون الدين والمذهب للفساد والإفساد والخداع فماذا أبقى أمثال هؤلاء لإبليس من حيل وممارسات شيطانية .

       5. الفساد الأخلاقي وهو نتيجة طبيعية  لكل أنواع الفساد أعلاه وهو من اخطر أنواع الفساد على المجتمع والدولة فعندما يسقط السياسي ويمسح آخر قطرة حياء في جبينه فلا يبقى أي حاجز أو مانع يمنعه عن ممارسة أبشع الأعمال وأحطها ولا شئ أحط من  الفساد الأخلاقي  الذي يتمثل في الخيانة والكذب والسرقة والنفاق والغدر والقتل والاغتيال والتصفيات الجسدية للمعارضين واخذ الرشوة وممارسة الرذائل بأنواعها وتعاطي المخدرات والتشجيع على ترويجها في المجتمع وسرقة أموال الشعب والدولة وتلك مواصفات السياسي الفاسد المسبب الرئيسي في تفشي الفساد الأخلاقي بكل صوره في مجتمعنا المحافظ  وبفساد السياسيين الأخلاقي تم تدمير البنية الاجتماعية المتماسكة وقيم ومبادئ المجتمع الأصيلة وقضوا على تقاليد وأعراف وسلوكيات مجتمعنا وضيعوا أخلاقه وسننه الرصينة.

 


مشاهدات 692
أضيف 2018/01/13 - 6:40 PM
آخر تحديث 2024/11/23 - 10:16 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 330 الشهر 9801 الكلي 10052945
الوقت الآن
السبت 2024/11/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير