مع الكتاب الجديد للموسوعي حسين الصدر.. براعة الوصف من مظاهر الشاعرية
علي عبدالرحمن الحيدري
أطل علينا الأستاذ الكبير والعالم الشهير الموسوعي الغزير حسين السيد محمد هادي الصدر (حفظه الله) بجزءٍ جديد من أجزاء موسوعته الكبيرة الشهيرة والباذخة الجمال والفائدة والعطاء “موسوعة العراق الجديد”، وهو الجزء الثاني عشر بعد المائة وقد اختار له عنواناً لطيفاً من الثنائيات المتقابلة: (أنفاس ونفائس)، وهي فعلاً أنفاسٌ زكية وفواحة ومباركة ونفائس ثمينة وغالية من جنان وبنان كاتبها متع الله به وبكتاباته العلم وأهله.
ويقع هذا الجزء في ١٧٤ صفحة من القطع الوزيري، وقد تولت نشره: “الخزانة الكعبيّة للطباعة والنشر والتوزيع” والمعنية بنشر الكثير من مؤلفات الأستاذ الصدر وتوزيعها.. وَقَدْ زُين جِيدُ هذا الجزء بهذيّن البيتيّن:
أنا للتنوير والإصلاح أسعى
لمْ أُطقْ حجباً لأفكاري ومنعا
قلمي عقلي وحرفي مهجتي
وعساني بهما أحسنُ صنعا
وهما في غايةٍ مِنَ الصدقِ والشفافيّة، ويعبران بشكلٍ واضحٍ وجليّ عن الهم الإصلاحي الذي يعيشه الأستاذ المؤلف (حفظه الله) والذي يراوده ويرافقه دائما، وقد أحسن صديقنا الدكتور محمد عيسى الفيفي بكتابته عن الجانب الإصلاحي في مسيرة الصدر وموسوعته الرائدة، بكتابه الذي يعده “إنما أنت مصلح».
وعوداً على بدءٍ، ننبه إلى أن هذا الجزء كالأجزاء السابقة عبارة عن مجموعةٍ رائعة من المقالات التي نُشر أغلبها في صحيفة الزمان العريقة الغراء، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وتتناول هذه المقالات بمجملها مواضيعَ أدبيّة وتاريخيّة واجتماعيّة واصلاحيّة وتربويّة وفيها الكثير من القصص والعبر والطرائف والدرر المنثورة هنا وهناك.
ومن المقالات المميزة التي استوقفتني في هذا الجزء (الوراثة الأدبية)، وحديثُ المؤلف عن الوراثة ودورها في تكوين شخصية أفراد الأسرة وربط ذلك بالأدب واللغة والعلم والمعرفة ينم عن ذكاءٍ مُلفت ومعرفة وسعة إطلاع في تأريخ الأدب والأدباء، كيف لا وهو الأديب الكبير صاحب المقالات التي سارت بحملها الركبان وصاحب الأسلوب الممتع الساحر الذي وصفه من عرفه بالسهل الممتنع والشاعر الكبير صاحب الدواوين العديدة والشعر المتنوع الأغراض والمواضيع كما سبق الإشارة لذلك في مقالاتي السابقة عن كتبه، وقد قال المؤلف المحترم في هذه المقالة:
(أكبر العوامل المؤثرة في شخصية الإنسان عاملان: البيئة والوراثة، ومن هنا تجد أن الأسر الأدبية لا تعدم وجود الأدباء بين أبنائها ويستوي في ذلك الذكور والإناث) وساق نماذج عديدة دلل بها على هذه الوراثة.
وقد كان حظ صديقنا الباحث الموسوعي المُعَبِّر كبيرًا في هذا الجزء، فخصه المؤلف الكريم المحترم بعدَّة مقالاتٍ عَرَّفَ بها بمجموعةٍ من آثاره والمقالات هي: (البراعة في الوصف من مظاهر الشاعرية العذبة) و(الوراثة الأدبية) و(حُط بالخُرج) وهو عنوان أحد كتبه الذائعة و(قصة القصاب الذي اعتز بمهنته وترك الشعر) وغيرها.
ولن يُحرم القارئ الفائدة المرجوة من وقوفه على هذا الجزء الذي ضم بين طياته الكثير من الموضوعات المفيدة والمميزة التي تحث على الخلق السامي والتجمل به والتجنب عن الرذائل، وطلب العلم والأدب والمعرفة والاستفادة من تجارب الآخرين.
وفي الختام أكرر نصيحتي للجيل الناهض بالوقوف على هذه الموسوعة التي تضم مزيجاً وخليطاً نادراً لم يجتمع في موسوعةٍ قبلها ولا أظنه يجتمع في أُخرى بعدها، والاستفادة منها والتمعن في ما ضمنها مؤلفها من أخبار الماضي والإبحار معه والتنقل في أزمان مختلفة، والاستفادة من توجيهاته ونصائحه القيمة التي يبثها هنا وهناك.
فإلىٰ المصلح الواعي بمشاكل هذا الزمان وتقلباته العلّامة الشهير المصنف السيد حسين الصدر تحيّة تفوح بعبير الأريحيَّة والمودة والاخاء ومشفوعةً بالثناء عليه والدعاء له بأن يمد الله بعمره مقرونًا بموفور الصحة والعافية ليُتحفنا بالمزيد من أجزاء موسوعته الكبرى “موسوعة العراق الجديد»