القصة معلم لغوي للأطفال
معراج أحمد معراج الندوي
القصة شكل فني من أشكال الأدب الشائق الذي يوجد فيه جمال ومتعة، كما توجد فيه نصيحة وعبرة للحياة. تقوم القصة على عمل فني وأصول ومقومات فنية، ومن أهم هذه المقومات الفكرة الجيدة والبناء والحبكة والأسلوب اللغوي المناسب والشخصيات المثالية.
القصة لون من ألوان أدب الأطفال، هي أكثر شيوعا وتأثيرا. تبقي القصة عند الأطفال ووجدانهم، تؤثر أحداث القصة في نفس الأطفال من خلال المشاركة الوجدانية. فالقصة ليست مجرد أفكار يتم نقلها للطفل بأسلوب آلي، وإنما هي حكاية تخضع لمعايير تربوية وفنية.
القصة من أهم الفنون الأدبية التي تسهم في صيقل عقول الأطفال وتقوم على تربيتهم، فلا بد أن يكون مضمون القصة نابعا من القيم الخلقية التي تدعو إلى السمو، والرفعة والتسامح والرقي بسلوك الأفراد، لكي يتمتع الطفل بأبطال القصة بالفضيلة والسلوك الحسن حيث ينعكس ذلك الجو على سلوك الأفراد وتوجيهاتهم ومنهجهم في الحياة.
إن قصص الأطفال لا بد أن يتسم بالموضوعية، ويتحلى بالصدق وينمي لدى الطفل القيم النبيلة والأخلاق الحسنة، لا بد أن يسمو بوجدان الطفل وجوارحه حتى ينشأ محبا للحق والعدل والخير، وحتى يحيأ على الإحسان والتسامح.
تتكون القصة من جملة من الأنماط اللغوية وغير اللغوية، فهي ليست مجردة كلمات متراصة منظومة في قالب نحوي سليم، وجمل تفيد معاني مظبوطة، وتراكيب منتظمة ودقيقة، بل تتعدى ذلك لتشمل أنماطا غير اللغوية تتجلى في الصور والألوان والرسومات. تقوم القصة على مبدأ الإفهام، فعند حبكها لا بد من النظر إلى مستوى الطفل وعمره، إلا أن هذا لا ينفي استعمال بعض الأساليب الصعبة التي تطور لغة الأطفال.
تسهم القصة في زيادة الحصيلة اللغوية التي تمكن من خلالها تطوير المهارات الأربع من استماع ومحادثة وقراءة وكتابة، وبالتالي يصبح لديه طلاقة تمكنه من الأمساك بزمام اللغة حيث أنه يستقيها من اللغة في الحياة اليومية.
القصة هي تدرب العقل على التفكير واستفزاز اللسان لكئ ينتج نصوصا جديدة تصوغ الأحداث في قالب يتناسب مع القاموس اللغوي للطفل. تنقل القصة اللغة من لغة مجردة وصورية ولها دور وظيفي في تحويل اللغة إلى لغة حية وحقيقية، ولا توجد هذه فقط في الكتب المدرسية، إنما في الحياة.
وبناء على ما تحمله القصة من ميزات تفاعلية، فهي تسهم في إثراء المعجم الفرداني للطفل، وتعوده على التعامل مع السياقات التي تدخل ضمنها الكلمات، فالطفل يتعلم من خلال القصة اللغة الجديدة وتعبيرها وأسرارها اللغوية ويتميز بين السياق المجازي والسياق الحقيقي.
القصة مصدر امتاع الصغير والكبير على السواء، وإن اختلفت درجاتها من الخيال إلى الواقعية، ومن التصريح إلى الرمز، ومن البساطة إلى التعقيد، حيث توظيف القصة في تعليم اللغة كأداة فعالة. القصة هي أداة تربوية تبدو أهميتها في غرس قيمة تربوية مطلوبة أوفي زيادة الثروة اللغوية أو في تنمية التذوق الأدبي.
القصة هي استراتجية مهمة في تعليم اللغة العربية باعتبارها وعاء حاملا لألفاظ اللغة وأساليبها المختلفة، فهي مادة مرنة قابلة للتكيف مع سياق التعليم ومستوى الطفل. القصة هي وسيلة لتنمية قدراته وتطوير معارفه وتثقيفه وتنمية مهاراته اللغوية، وهي عامل جوهري في التربية لدى أطفال، تعمل القصة على تغيير سلوک الأطفال إلى الأفضل، وتعمل القصة على إيجاد قدوة حسنة للطفل، هكذا أصبحت القصة معلم لغوي للأطفال.
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها
جامعة عالية ،كولكاتا - الهند
merajjnu@gmail.com