الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أنا وضياء حسن وشرطي المرور.. حياةٌ حافلة بالعطاء الوطني والصحفي

بواسطة azzaman

أنا وضياء حسن وشرطي المرور.. حياةٌ حافلة بالعطاء الوطني والصحفي

مليح صالح شكر

 

كانت زيارات ضياء حسن للقاهرة متكررةً بين حينٍ وآخر ضمن نشاطاته في الصحافة الرياضية وعلاقاته مع محرري الرياضة في الصحف المصرية الذين كانوا يقيمون له دعوات في منازلهم ،وحضرتُ بعضَها شخصياً.كنتُ خلال عملي الصحفي بالقاهرة أرافق ضياءً كلما حلَّ في مصر وهو صديق أولاً وصحفي ثانياً ، واتنقل به من هذه الجريدة الى ذلك المنزل .

     لكنّ هذه الزيارة التي أتحدث عنها حصلت في شهر رمضان ، وخلاله تصوم كل مصر وحتى في النوادي الليلية التي يوقفون فيها تقديم المشروبات الروحية طيلة الشهر ، والأكل حتى ساعة السحور .وفي مناسبتين فقط تخلو شوارع القاهرة من الحركة وهما نقل التلفزيون مباراة نادي الأهلي والزمالك ، وساعة الفطور في رمضان.

      في منتصف الشهر وساعة الفطور كان عليَّ أنْ أوصل أبا هدى الى مطار القاهرة ليعود الى بغداد، ولم أكن مستعجلاً لعلمي بأنني لن أواجه ازدحاماً مرورياً. وفي ميدان التحرير استدرت الى اليمين لأدخل الشارع المؤدي الى المطار وأمامي إشارة مرور قبل دخولي ذلك الشارع وكانت الإشارة حمراء ويجب أنْ أتوقف بانتظار الإشارة الضوئية الخضراء لأواصل طريقي الى المطار.

     واغتنمت فرصة خلو الشوارع من السيارات فقد واصلتُ السيرَ متجاهلاً الإشارة الحمراء ، وفجأة وجدت أن شرطي المرور ينطلق بدراجته النارية من شارع جانبي وهو يلوّح لي بالوقوف!. وقفتُ وإذا بالشرطي يعاتبني على مخالفة إشارة المرور بينما هو يوشك على الفطور ، فخجلت منه معتذراً عن الخطأ ، لكنه لم يكف عن العتاب ويكاد يكتب في دفتره مخالفة لي .

     وفتحت ( الچكمچة) لأستل منها علبة سكائر “كنت” ، كانت للإستخدام الشخصي وقدمتها للشرطي ، وهنا صرخ ضياء بي ( إنطيه باكيتين) وفعلت ذلك وأخذها شرطي المرور وسمح لنا بمواصلة الطريق الى المطار داعياً لضياء بالسلامة.

شيء من سيرة ضياء

    تعرّفتُ إلى ضياء في حدود عام 1966 عندما كان يعمل محرراً للصفحة الرياضية في جريدة البلد لصاحبها عبد القادر البراك، وكان محرر الصفحة الأدبية فيها ابنُ خالتي زهير أحمد القيسي، هو من عرفني بضياء مازحاً ( هذا بعثي مثلك)!

     قضى ضياء عبد الرزاق حسن الهاشمي  الكثير من سنوات حياته مناضلاً في حزب البعث ومنذ منتصف الخمسينيات من القرن العشرين وهو من مواليد البصرة عام 1934 وكانت حياته حافلة بالعطاء الوطني والسياسي والصحفي والرياضي.

     واصبح مديراً للإدارة في الإذاعة والتلفزيون خلال الشهور التسعة لتولّى البعثيين السلطة لأول مرة عام  1963 ، وهرب الى سوريا وكان نشطاً في التنظيمات الحزبية السورية حتى أنه أصبح عضواً  في قيادة فرع دمشق ، وكان مقر قيادة الفرع بالمناسبة في شارع بغداد بدمشق.

     وعندما عاد إلى العراق حافظ على علاقته بما كان يُعرف بالجناح اليساري للحزب مما جرَّ عليه مشاكل عدة عندما تولى الجناح الآخر للحزب السلطة في 17 تموز 1968 ، بالرغم من أنه تمتع بإحترام بعض قادة الحزب الحاكم ومنهم صلاح عمر العلي وطه ياسين رمضان.

      ومن متاعبه مع نظام حكم 17 تموز 1968 أنهم اعتقلوه مبكراً بعد تغيير النظام ، وقضى ثلاثة شهور في زنزانة بقصر النهاية كان فيها سوية مع فلاح ميرزا شقيق صباح  ميرزا المرافق الأقدم للنائب صدام حسين ، وكان أيضاً ضمن وجبة مبكرة من الذين جمد النظام الجديد أموالهم المنقولة وغير المنقولة وسموه خطأ في قرار مجلس قيادة الثورة المنشور في جريدة الوقائع العراقية ضياء حسن عبد الرزاق، سكرتير تحرير مجلة الف باء سوية مع قادة الجناح المضاد لجناح الحكومة،  الدكتور العالم محمد عمار الراوي وأشقائه الثلاثة ، إثنان منهم مجرّد فَتَيَين لم يبلغا سن الرشد!

   كما تضمن ذلك القرار تجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة لقادة بعثيين  آخرين منهم استاذ الاقتصاد الدكتور محمد الحمصي ، وطبيب التخدير الدكتور فؤاد شاكر  مصطفى ابن شقيق الطبيب  الدكتور عزت مصطفى عضو القيادة القطرية في النظام الجديد ، وآخرون.

  وحسب معلوماتي إن لضياء إخوة وأخوات ومنهم الموسيقار علاء كامل واسمه الأصلي على عبد الرزاق، والشقيق الأصغر وليد عبد الرزاق حسن الذي التحق بعدنا في قسم الصحافة بجامعة بغداد لكنه ترك الدراسة عندما أعاده نظام البعث عام 1968 الى الخدمة العسكرية واستكمل دراسته ثم تخرج برتبة ملازم في القوة البحرية وتوفي بالسكتة القلبية !.

   وكان ضياءٌ يتردد سنوياً في الصيف على ميونيخ في ألمانيا لزيارة أحد أقاربه يقيم في المانيا.

    ويرتبط ضياء حسن بعلاقات وثيقة مع قاسم حمودي صاحب جريدة الحرية وأبنائه جعفر وسعد، واشتغل في الحرية وشاركهما في النشاطات البعثية .

   ومن الطبيعي أن يرافق أبو هدى سعداً في جريدة الجمهورية عندما تولّى سعد رئاسة تحريرها بعد تولّي البعثيين مقاليد الأمور عام 1968 .

   وعانى ضياء كثيراً من عداء بعض صغار الحزبيين  في جريدة الجمهورية ومجلة ألف باء وفنّيي دار الحرية للطباعة.

   وباختصار تخلص هؤلاء منه بقرار لمجلس قيادة الثورة بنقله الى وزارة الأشغال والإسكان واستقبله وزيرها حينئذ طه ياسين رمضان باحترام.

   لكن سعد قاسم حمودي تمكن من استرجاع ضياء للصحافة وتنقل معه من جريدة الجمهورية الى جريدة الثورة، ورافقه في جميع نشاطات نقابة الصحفيين.

    وواصل ضياء نشاطاته الصحفية لفترة طويلة حتى اختاره وزير الأعلام محمد سعيد الصحاف خبيراً إعلامياً عام 2000 في محطة العراق الفضائية وكان يتصل بي هاتفيا لتقصي الأخبار.

    وفي 9 نيسان 2003 تعرض العراق للاحتلال فأعتكف ضياء بينما اشتغل ولده  علي وابنته هدى سوية في جريدة النهضة حينما تعرَّضا  يوم 16كانون الثاني عام 2005 للاغتيال لسرقة سيارتهما ، فضربت الفاجعة ضياءً حتى تمكن من الهجرة الى السويد ويتردد بين الحين والآخر على العاصمة الاردنية.

    وكان أبو هدى كثير الإتصال بي هاتفياً من السويد ليستفسر عن صحة فيصل حسون والدكتور زكي الجابر اللذين كانا يقيمان في الولايات المتحدة.

   وتعرض لوعكة صحية في القلب  في عمان نجح الأطباء في معالجته منها بينما كان صديقه الوفي الصحفي أحمد صبري يسهر على راحته في المستشفى وتمكّن من العودة  متعباً الى محل إقامته في السويد حتى توفي في مستشفى مدينة مالمو الثاني من أيلول عام 2015 عن عمر ناهز 85 عاماً.

سيرة صحفية رياضية

   يعدُّهُ الباحثون من الرواد الأوائل لمؤسسي الصحافة الرياضية في العراق واشتغل في جريدة الأخبار منذ عام 1950 ثم جرائد الحرية والأنباء ومجلة كل شيء والعهد الجديد والأيام والطليعة والبلد والملعب والملاعب والجمهورية والثورة ومحطة العراق الفضائية .

    شغل موقع أمين السر في نقابة الصحفيين لفترة طويلة وهو الذي أسَّس اللجنة الرياضية في النقابة وكان رئيساً لها عام 1970 ثم أسس الرابطة العربية للصحافة الرياضية عام 1974 حتى عام 1990 وهي الرابطة التي كان يتردد بشأنها على القاهرة حيث حصلت قصتنا مع شرطي المرور عــــــام 1976 التـــــي سبق الحديث عنها في مستهل هذه المقالة.

     كذلك يُعدُّ ضياء عبد الرزاق حسن من المؤسسين للاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية الذي عقد مؤتمره التأسيسي في بانكوك عام 1968 وأصبح فيه نائباً للرئيس حتى 1990 ثم أصبح عضواً في المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية.

    رافق في حياته الصحفية الرياضية جميع الوفود الرياضية تقريباً الى خارج العراق ومنها البطولة عقب بيروت عام 1957 وحضر بطولات العالم لكرة القدم في المانيا عام 1974 واسبانيا عام 1982 وكذلك الدورات الاولمبية في مونتريال وموسكو ولوس أنجلس وسيؤل.

 عن موقع جريدة برقية الالكتروني

 

 

 


مشاهدات 195
الكاتب مليح صالح شكر
أضيف 2025/01/04 - 12:03 AM
آخر تحديث 2025/01/06 - 7:13 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 300 الشهر 2586 الكلي 10092551
الوقت الآن
الإثنين 2025/1/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير