بمناسبة منحة قلادة الابداع.. شعبان مفكر يجاهد من أجل الحرية
باقر الكرباسي
المفكر الأستاذ الدكتور عبد الحسين شعبان إبن مدينة معطاء ، مدينة أمير البلاغة والبيان الإمام علي ع ، مدينة العلم والفقه والشعر والمنطق والسياسة , النجف الأشرف المدينة الجدلية فهي دينية مقدسة من جهة وتنويرية منفتحة من جهة أخرى ، صارت مع الزمن للعديد من الطلبة والشباب المكان الذي اكتشفوا فيه أفقاً ثقافياً، فيها مفكرون إسلاميون ومجددون من العلمانيين واليساريين كان نتاجهم يملأ الصحف والمجلات، في هذا الجو المفعم بالحركة الأدبية والفكرية ولد عبد الحسين شعبان وسط أسرة دينية أدبية مشهورة في النجف، وكانت ولادته أنقى من الزمان لاشك انّه جيل الحرية جيل سطع في أفقه الشيخ محمد رضا المظفر المصلح والمجدد ومحمود الحبوبي وصالح الجعفري ومرتضى فرج الله وسلام عادل وغيرهم من الأفذاذ , وفي النجف التي أحبها الدكتور شعبان تمرس في الكتابة والعمل الحزبي من أجل حرية الإنسان,ينتمي الدكتور عبد الحسين شعبان الى العقل وقيم السلام واللاعنف ويميل الى التسامح، والجيل الستيني الذي هو منه جيل إشكالي استطاع أن يكرس آليات ومفاهيم جديدة على مجمل الإبداع الأدبي العربي، وسرعان ما اندمج مع شخوصه وكان يحمل معه إضافة الى هموم الثقافة قضايا النضال فجمع بين الثقافة والسياسة وبين العلم والقلم وهو قادم من عمق الثقافة التقدمية ومن بيوتات الأدب والعلم والمعرفة والجدل، ولأكثر من نصف قرن قدم الدكتور عبد الحسين شعبان للمشروع الحضاري العربي المعاصر من العطاء الفكري والحقوقي والسياسي والأدبي والإنساني وأسهم وحده وبجهد ذاتي في إغناء المكتبة العربية بأكثر من ٨٠ كتاباً في صنوف الأدب والفكر والسياسة والقانون وحقوق الإنسان والسير متمكناً من أدواته ووسيلته الإبداعية ، إضافة إلى إسهاماته المتميزة في إطار التجديد والحداثة والثقافة، مع إشتغاله أيضا في قضايا المجتمع المدني والأديان والدساتير والقوانين الدولية بما فيها النزاعات والحروب ومسائل التسامح واللاعنف حتى أصبح رائداً من رواد ثقافة الحوار والتسامح ، أي أننا لا نستطيع اختزال الدكتور شعبان بنشاط معين أو حقل محدد من الكتابة فهو مشروع مبادرات متواصلة وتأليف كتب ومصنع لإنتاج الأفكار ، الدكتور عبد الحسين شعبان قرأ التراث ليس بذاكرة الماضي وإنما برؤية المستقبل ، قرأه وهو يحمل الفكر التقدمي القابل لكل ما هو علمي ومنطقي وأكيد ، وعبر وعيه الثقافي طرح معادلة مهمة قوامها الإجتهاد بالثوابت الفكرية والدينية والإجتماعية والفردية كافة فالنص أي نص ديني أو فلسفي أو سياسي أو قانوني يخضع للإجتهاد والتفسير والتأويل . الدكتور عبد الحسين شعبان أكاديمي ومفكر من الجيل الثاني للمجددين العراقيين ، إنه نتاج بيئة مثقفة ومن مدينة تآخت مع التمرد ، فالنجف التي تنهض على رفوف من الكتب و المخطوطات لم تكن أحادية الثقافة بل دفعتها الظروف بأن تكون متنوعة ومنها انطلقت حركات فكرية متجددة كما انطلقت حركات شعرية متنورة وحركات سياسية بالغة التأثر والتأثير، ما زال وسيبقى الدكتور شعبان أميناً لمثله ولعراقيته ولقيمه ولإنسانيته، فهو يزرع العراق في سويداء قلبه حتى وإن كان متعبأ فقد حملته الأيام هموماً متراكمة إضافة الى هموم التجديد، أو ما يحمله من فكر تقدمي متسامح يجاهد على درب الحرية .