عظام دريد لحّام في صيدنايا

فاتح عبدالسلام

دريد لحّام فنان سوري كبير، كان رائدا في نقل الدراما السورية الى العالم العربي، وهو من أوائل الذين تضمنت اعمالهم المسرحية منذ ” كاسك ياوطن” انتقادات لاذعة للأنظمة العربية ونظام حافظ الأسد الذي كان حاكماً يومها من دون ان يخفى ذلك على احد، حتى السلطة الغاشمة في دمشق كانت راضية بصورة أو أخرى على جرعة التنفيس الناعمة من الاحتقانات العاصفة بالمجتمع.

لحّام عمره الفني سبعون عاما، ومن الطبيعي أن تتخلل هذا التاريخ الطويل فترات متنوعة من المواقف، لكنّ صورته لم تهتز في نظر محبيه الملايين قبل أن يمتدح مرشد ايران خامنئي في اوج الثورة السورية، التي كانت ايران تقاتلها، بكلمات اضفى عليها قدسية دينية، وصفت بالتناغم الطائفي النفسي الذي أتاح اطلاقه التحالف الأسدي الإيراني في تلك الأيام.

لكن الآراء الشخصية المخالفة لا يمكن أن تلغي وجود أي انسان لاسيما اذا كان علامة فنية كبيرة في الفن والثقافة، وانّ الإلغاء من رسمات أي نظام استبدادي دموي ووجدناه جلياً في زمن بشار وزمرته المبتزة القاتلة.

 هناك حالات شاذة في الفن السوري لا تزال توغل في الطريق الخاطئ عكس إرادة الملايين من خلال محاولات النيل من الثورة السورية من الخارج لكنها فقاعات ستنتهي قريبا.

أمّا دريد لحام فقد أطلق شهادته التاريخية في انه قال اقصى ما يمكن قوله في زمن الاضطهاد وانه لو قال اكثر من ذلك لكانوا قد وجدوا عظامه في سجن صيدنايا ، وهذه هي الحقيقة، فالرجل في النهاية فنان وليس فصيلا مسلحا له خيارات الهجوم والقصف والدفاع ضد الديكتاتور. وروى دريد لحام انّ حاجزاً للثوار استوقفه في دمشق وطلب منه النزول من سيارته من اجل أخذ صورة تذكارية معه بكل احترام ومحبة، وقال له أحد المسلحين: “نحن نحبك بالرغم من موقفك المخالف لنا “. هذا أمر لا يمكن أن يحظى به لو كانت الحالة مقلوبة في ذلك الزمن البائس.

أيها السوريون، العالم كله يعيش الفرح معكم، فانظروا الى أمام ولا تتعثروا بالصغائر والمنغصات العابرة ومكائد الظلاميين، ولا تقعوا في الفِخاخ التي تركها المجرمون الطائفيون مزروعة وراءهم مثل حقل ألغام. عودوا الى حياتكم واعملوا من أجل دراما هادفة تعبرعن ضمير سوريا الحي وهي تخرج من ظلام الطاغوت الى نور من أنوار الله.