الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
شتان ما بين الهدم والبناء؟

بواسطة azzaman

نقطة ضوء

شتان ما بين الهدم والبناء؟

محمد صاحب سلطان

 

يقال إن الوقفة الأطول تكون دائماً عند البدء ، وإن الإنسان لا يخطط لموته ،لكنه يستطيع أن يخطط لحياته بدقة ،بعضهم يبدأ حياته من الصفر، معتمدا على ذاته وما أنعم الله عليه من خيرات مقدرة ومقتدرة ، وآخرون يتنعمون بظلال غيرهم ورعايتهم، ولكنهم فاقدو الإرادة والتحدي ،يبدأون حياتهم بأهتمام كبير وينتهون الى إهمال أكبر، لإنهم لم يخططوا بصورة صحيحة لحياتهم التي تتحول شيئا فشيئا الى ما يشبه (الجنازة)،يشبعون فيها لطما وتمزيقا للوجنات! ،على زمن مضى بالحسرات والنكبات،لإن يومهم يتفتت وسويعاته تتشظى ،فلا تعرف نهايته من بدايته!، وهكذا يمضي العمر من دون تحقيق شئ يذكر، فيتحولوا إلى حطام بشر، تتلاعب بهم الأهواء ، وتضعف مناعتهم،أمراض الفاقة والعوز ،التي لا ترحم ، بينما الأشخاص الذين  يخططون أو يرسمون مثابات زمنية لتطوير ذواتهم ،وتنمية إمكانياتهم ومحاولة ردم ما يعيق ذلك،بإصرار وعزيمة،من خلال معرفة مالهم وما عليهم ،نجدهم، يعرفون بأي ارض صلبة يقفون،وأي أرض ضحلة يتجنبون،معتزين بأنفسهم الى الحد الذي لا يضيعون به فرص الحياة الكبيرة،بإصرارهم القائم على أساس من العلم والعمل الصحيح ، قدر ما تقوم على العناد والغرور ، وبذا تكون الغلبة لهم في طريق الحياة ،الذي يتحول الى مايشبه البحر الزاخر ،ما إن يغوصوا به حتى تمتلئ أياديهم باللالئ والدرر!.. وكلا الحالتين ، التنظيم واللاتنظيم ،ينطبقان على الدول ،أو ليست هي تنظيمات بشرية أولا واخيرا، قبل أن تكون مادية وتقنية وسياسات برامجية ،وصراع مصالح ،وتنافس إنتخابي وتقاتل على الكراسي، أو ليست هي من ينظم الحياة لشعوبها،ويرتب أمورها ،بثالوثها، التشريعي والتنفيذي والقضائي فضلا عن النقابات المهنية والمجتمعية ،حتى بات بعضها، يؤسس لإمتداد تاريخها الناصع،وبعضها يلقي بتاريخها من النافذة!،عندما تتراكم سحب الفوضى وتنعقد أهوال الشكوى ، لذا حال الانطباق قائم، وكي تبدء بالخطوة الصحيحة، تتجه الدول الى التخطيط ومعرفة الاحتياجات الضرورية وسبل التطوير ،من خلال اعتماد الأطر الصحيحة للبناء وادواته،عن طريق الإحصاء السكاني والتعداد العام والبحوث المسحية وغيرها من الانماط،لمعرفة غاطس الحياة المجتمعية وأدواتها واحتياجاتها ، وهذا ما أقدمت عليه الأجهزة التخطيطية في بلدنا مؤخرا ، والسؤال الملح الآن، ماذا بعد هذا الاجراء المهم ،هل نكتفي بالتعريف وتبيان الأرقام وحصيلتها؟، أم ستتحول الى خطط وبرامج تنموية ، وكيف نهيئ أدوات تنفيذها المختصة؟ لذا نطالب بتغيير نمط الآليات المعتمدة حاليا في عمل الأجهزة الحكومية والمؤسسات التشريعية، باعتماد التخطيط المبني على حقائق الأرقام ، وبالتالي يستطيع مؤدي الخدمة العامة أن يوفر ما يحتاجه المواطن من متطلبات الحياة الضرورية ، وأن يبتعد عن (الهبة) التلميعية غير المجديةوالاستعراض الفارغ في العمل، لكونها من معاول الهدم وليست من أدوات البناء ،وشتان ما بين الهدم والبناء!!،وهذا ما نأمله ..


مشاهدات 223
الكاتب محمد صاحب سلطان
أضيف 2024/12/14 - 12:53 AM
آخر تحديث 2025/01/19 - 7:52 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 268 الشهر 9702 الكلي 10199667
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/1/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير