في حضرة السكون
نهله الدراجي
بين دوامة الأكاذيب وفقدان القيم، أجد نفسي تائهةً بين ضجيج الزيف وخداع النفوس. في زمنٍ يتسابق فيه أغلبية الناس خلف مظاهر زائفة، يتشبثون بمظاهر براقة تخفي وراءها ظلالًا من الخداع والظلم. أحاول أن أعود إلى فطرتي، إلى تلك الطفولة البريئة التي كانت تؤمن بالحق والعدل، حيث كانت الكلمة تعني شيئًا، وكانت الأفعال تطابق الأقوال. لكنني أشعر بثقل العالم على كاهلي، كأنّ كل خطوة تخطوها قدماي تتسبب في جرح جديد في قلبي.
أشعر بثقل العالم على كتفي كلما نظرتُ حولي. أرى الابتسامة على الوجوه تخفي الألم، وأرى النجاح مبنيًا على أكوامٍ من الخداع. أحيانًا أتساءل: هل من العيب أن أبقى متمسكة بالحق في زمنٍ تكالبت فيه الأهواء؟ هل أكون ساذجة لأنني أرفض الغش والسرقة، بينما يُحتفى بالمنافقين وذوي القلوب المظلمة؟
في لحظات الهدوء، حين يغمرني السكون، أسترجع صورًا من الماضي؛ أصدقاء لم يعودوا، وأحلامًا تحطمت، وقلوبًا كانت يومًا مليئة بالصدق. أُغمض عيني، وأتمنى لو أنني أستطيع أن أعيش في عالمٍ تكون فيه الكلمة الطيبة موضع احترام، وحيث الحقيقة ليست عبئًا بل نعمة. لكنّ الواقع يصرخ في وجهي: «هذا هو زمنكِ، فكوني فيه كما أنتِ!» ورغم كل الألم، سأبقى أسيرة الفطرة، حتى لو كان الطريق مظلمًا، لأنني أدرك أن الأمل لا يموت، وأن النقاء والسلام الداخلي والفطرة السليمة هي وحدها التي ستقودني إلى بر الأمان.