الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
وما أدراك ما سوريا

بواسطة azzaman

وما أدراك ما سوريا

 فاتح عبدالسلام

 

هذا يوم الثامن من كانون الأول، احفظوه وعلّموه أطفالكم جيلاً بعد جيل، وابدأوا فيه الكلام واجيبوا من خلاله السؤال واجبروا به الخواطر وضمّدوا ببلسمه الجراح.

  يوم مكتوب بلغة الروح التي لا يمكن لإنسان يدّعي حبّه للحرية وانتماءَه للبشرية ألا أن يتقنها لكي يبقى انساناً له روح حقاً.

سجون وفروع قتل واغتصاب واختطاف وابتزاز، غطت الأرض الطاهرة أكثر من خمسين عاماً ودنّست كل شيء ولوّثته، ولم تدع لأيّ سوري طريقاً، ولو بسيطاً نحو نطق كلمات الحرية والكرامة والعزة.

 اليوم لا نكتب، فرح التحرر من الظلم هو الذي يكتبنا، ويستنطقنا ويحلّق بأرواحنا في سماء هذا البلد العربي العظيم.

اليوم نغبط السوريين على هويتهم وانتمائهم، ومَن يريد ان يفخر ليقل “أنا سوري حر” قبل أن يفصح عن جنسيته الاصلية لكي يكون منتمياً حقاً لمبادئ الكرامة الإنسانية.

هرب الطاغية من دون ان يترك وراءه لمحة واحدة تدلل على معنى للإنسانية والشرف. حرق البلد بدم بارد وعلّم أذرعه الأمنية الملوثة كيف تصنع منه هُبل العبودية، وتشهد سجون صيدنانا وحماة وحمص والمزة والسويداء على ذلك.

حرقَ البلدَ، وغادر من دون كلمة لاتباعه المتورطين او المخدوعين، بقي دنيئاً خسيساً موهوماً طائشاً بخفة وزنه حتى آخر لحظة، لم يستطع ان يرتقي الى مستوى الزعماء المهزومين في التاريخ الذين كانوا يعترفون بالهزيمة، لأنهم البسوه ثياب الزعيم في صفقة التوريث وهو مجرد تابع بدأ عهده  ببيع سيادة بلاده لروسيا وايران وإسرائيل، وظنّ انّ قمعه السوريين ودكّهم في  السجون واطلاق جيوش شبيحة القتلة لاستباحة المدن والكرامات، واطلاق الشعارات القومية الفارغة، وسائل ستضمن له العيش للأبد في فقاعة الكذبة التي تنزّ دماً .

في النهاية آثر سلوك طريق النازي هتلر، اختفى بعد حرق كل شيء، من دون ان يدرك انّ الأرض السورية، ليست ككل أرض، هي غوطة من جنان الله لا تجف، ولا تبلى، ولا تظمأ، ولا تجوع، ولا تتمزق، مهما كان الكربُ عظيماً.

اليوم تتطهر سوريا من الدنس الأجنبي والطائفي والمخدراتي.

حرية كان لها أثمان كبيرة، وكان السوريون جديرين بدفعها، لأنَّ رؤوس أموال هذا الدفع مستمدة مما لا ينفد، من معين من الايمان بالله والكرامة والإنسانية.

هنيئا لسوريا الجديدة هذه الولادة العظيمة، انه نصر صنعته دماء الشهداء منذ عقود وحتى فجر الثامن من كانون الأول، نصر مقترن بصرخات الثكالى وبكاء الايتام ودموع الأمهات ولوعات الإباء.

ثمن غال جداً، لم تدفعه امة من قبل، ولكن يليق حتماً بأمة عربية عنوانها سوريا، وما ادراك ما سوريا.

 


مشاهدات 145
الكاتب  فاتح عبدالسلام
أضيف 2024/12/09 - 3:58 PM
آخر تحديث 2024/12/12 - 2:06 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 403 الشهر 5071 الكلي 10061166
الوقت الآن
الخميس 2024/12/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير